التغيير الديمغرافي والاستيطان في عفرين “4”
حسن حسن
تواصل تركيا بناء مستوطنات جديدة في مدينة عفرين شمال غرب سوريا، ضمن السياسة التي أعلن عنها الرئيس التركي أردوغان القاضية بتهجير الكُرد من مدنهم شمال سوريا، وتوطين “التركمان وعائلات المسلحين التابعين لتركيا” فيها.
تخدع تركيا الرأي العام عبر ترويجها لدعاية ممجوجة بأنّها تسعى لبناء المساكن للنازحين والهاربين من حكم الرئيس السوري بشار الأسد. لكن المتتبع لمنهجية وطريقة بناء هذه المستوطنات؛ يصل لقناعة بأنّها بقعٌ استيطانية خاضعة لتركيا يتم فيها افتتاح مدارس تركية، وبناء مساجد، وتعيين أئمة موالين لتركيا للترويج للثقافة والدعاية التركية. كما أنّ افتتاح هذه المستوطنات يتم عبر وُلاةٍ أتراك، وهي تخضع أمنياً لسيطرة أجهزتها الأمنية، ويتم تسليم إدارتها لشخصيات تركية أو موالين لتركيا حاصلين على جنسيتها. أضف إلى ذلك، مكاتب المنظمات الموجودة في تلك المخيمات ترعى أنشطة جهادية، وأغلب القاطنين فيها من عوائل المرتزقة الذين جنَّدتهم تركيا في ليبيا وأذربيجان، وكذلك أعضاء تنظيم القاعدة من ذوي الأصول التركية كالأوزبك والإيغور.
ولا يقتصر بناء المستوطنات على عفرين؛ بل وتشير تقارير مراقبي مركز توثيق الانتهاكات أنّ تركيا تواصل بناء المستوطنات بشكل كبير في رأس العين التابعة لمحافظة (الحسكة) وتل أبيض التابعة لمحافظة (الرقة)، لتوطين مئات الآلاف من الأشخاص فيها، مقابل تهجير قرابة مليون من أهالي تلك المدن الحدودية، منها باتجاه مدن محافظة الحسكة، ومنهم من تم إيواؤهم في /9/ مخيمات أنشأتها الإدارة الذاتية مؤقتاً، إضافة إلى أماكن اخرى داخل وخارج سوريا.
فضلاَ عن ذلك؛ يجد المراقب وكأن تركيا في سباق مع الزمن، لجهة بنائها عشرات آلاف الشقق والمساكن الجديدة داخل مدينة عفرين ومراكز نواحيها. بلدة جنديرس، مثلاً، توسعت إلى حدود قرية “حج إسكندر” من الغرب وقرية “حميلكه” من الجنوب وباتت تقترب من قرية “كفر صفرة” إلى الشمال، فقط خلال السنوات الأربع الأخيرة، رغم نزوح ٨٠ بالمائة من السكان الكُرد والعرب الأصليين منها.
تقول المعلومات الواردة من هناك، أن أموالاً ضخمة تضخُّ من قبل تجارٍ كويتيين وقطريين وأتراك لشراء حقول الزيتون بأي ثمن من الكُرد المقيمين في عفرين وقراها، مع مصادرة الميليشيات المسلحة لأملاك النازحين، حيث يتم بناء المستوطنات عليها.
وفيما يلي عينات من القرى الكردية تظهر كيف تحول الكُرد إلى أقلية مقابل المستوطنين: “نقلاً عن منشورات حزب الوحدة الديمقراطي الكردي – يكتي”
1 – قرية عمارا: تتبع لناحية موباتا/ معبطلي وتبعد عن مركزها نحو /10/ كم، مؤلفة من حوالي /70/ منزلاً، وكان فيها حوالي /400/ نسمة سكّان كُرد أصليين، بقي منهم بعد الاحتلال حوالي /50 عائلة = 175 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /35 عائلة = 225 نسمة/ من المُستقدَمين فيها. تُسيطر على القرية ميليشيات “جيش النخبة”.
٢ – قرية “كوكان – Kokan“: تنقسم إلى جزئين (فوقاني وتحتاني)، وتتبع ناحية موباتا/ معبطلي وتبعد عن مركزها بـ/7/كم، مؤلفة من حوالي /150/ منزلاً، وكان فيها حوالي /1000/ نسمة سكّان كُـرد أصليين، بقي منهم بعد الاحتلال حوالي /75 عائلة = 300 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /90 عائلة = 500 نسمة/ من المُستقدَمين فيها. تُسيطر على القرية ميليشيات “فرقة الحمزة” التركمانية.
٣ – قرية “خرزا – Xerza“: تتبع ناحية جنديرس وتبعد عن مركزها بـ/11/ كم باتجاه شمال شرق، مؤلفة من حوالي /25/ منزلاً، وكان فيها حوالي /300/ نسمة من السكّان الكُرد الأصليين، بقي منهم حوالي /15 عائلة = 75 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي / 15عائلة = 100 نسمة/ من المُستقدَمين فيها وآخرين يقيمون في بعض الخيم بجوار القرية. تُسيطر على القرية ميليشيات “فرقة الحمزة”.
٤ – قرية زيتوناكه – Zêtûnakê“: تتبع ناحية شرّا/ شرّان وتبعد عن مركزها بـ/18/ كم، مؤلفة من حوالي /70/ منزلاً، وكان فيها حوالي /500/ نسمة من السكّان الكُرد الأصليين، جميعهم نزحوا إبّان العدوان على المنطقة، وعاد منهم حوالي /35 عائلة = 125 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /30 عائلة = 175 نسمة/ من المُستقدَمين فيها، وحوالي /35 عائلة = 200 نسمة/ من المُستقدَمين مربّي الأغنام في خيم نُصبت ضمن قلعة نبي هوري المجاورة للقرية. تُسيطر على القرية ميليشيات “جيش النخبة”.
٥ – قرية “عين دارا – Endarê“: تتبع ناحية مركز عفرين وتبعد عنها بـ/6/كم جنوباً، مؤلفة من حوالي /70/ منزلاً، وكان فيها حوالي / 350/ نسمة من السكّان الكُرد الأصليين (مسلمين وإيزيديين) وثلاثة عوائل عربية، معظمهم نزحوا إبّان العدوان على المنطقة، وعاد منهم حوالي /23 عائلة = 80 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /10/ آلاف نسمة من المُستقدَمين فيها، ويوجد للنازحين من مناطق إدلب وغيرها (/1300/ خيمة بالقرب من التل الأثري غرب القرية، و/700/ خيمة شمال شرق القرية، إضافة إلى /13/ خيمة بالقرب من المدرسة جنوب شرقي القرية). تُسيطر على القرية ميليشيات “فرقة الحمزة”.
الاحتلال التركي يوطن الفلسطينيين في عفرين بأموال عرب إسرائيل
استقدم الاحتلال التركي مزيداً من المستوطنين القادمين من مناطق جنوب دمشق، حيث جلب /600/ عائلة بينهم /325/ عائلة من عوائل فلسطينية من سكان مخيم “اليرموك” بجنوب العاصمة دمشق، وتم توطينهم في مخيمي “دير بلوط” و”المحمدية” بناحية جنديرس.
هذا ويعمل الاحتلال التركي في الآونة الاخيرة إلى إعادة هيكلة تلك المستوطنات وخاصة مخيم “ديربلوط” الذي تم تصميمه على شكل خريطة فلسطين ويحمل اسم “يافا”، ليزيد من ترسيخ الاستيطان في عفرين المحتلة، بالتعاون مع جمعيات ومنظمات إخوانية وبالتحديد جمعيات فلسطينية كجمعية “العيش بكرامة” لفلسطينيي 48 ذوي الميول الإخوانية وبدعم إسرائيلي، عبر غض النظر عن تجميع عرب إسرائيل لعشرات الملايين من الدولارات لدعم الاستيطان في عفرين.
إعادة توطين الفلسطينيين في عفرين المحتلة هي أغرب حالات الاستيطان؛ كونهم كانوا في يوم من الأيام ضحايا الاستيطان، وقضيتهم كانت دائماً موضع تعاطف الأحزاب والحركات الكُردية. معظم المستوطنين الفلسطينيين في عفرين هم مؤيدون لحركة “حماس” جناح تنظيم إخوان المسلمين في فلسطين، ومقاتلون سابقون في تشكيلات المعارضة السورية المسلحة، تم نقلهم بالحافلات إلى عفرين من مخيمات درعا وحمص وحلب واليرموك في دمشق.
أقام الاحتلال التركي عدة مخيمات استيطانية على المناطق الحدودية بين عفرين وتركيا، وكذلك في قرية “سوركه – Sorkê” بناحية راجو، وبجوار قريتي “دير بلوط” و”المحمدية” على الحدود التركية مع جنديرس.
أفاد ناشطون بتاريخ 7/4/2018، بخبر تجنيد المزيد من المستوطنين القادمين من مناطق “ببيلا، بيت سحم، ويلدا” بريف دمشق إلى مدينة عفرين ومخيم “المحمدية” بريف جنديرس. وتداول وسائل الإعلام حينها بأنه تم نقلهم إلى منطقة الباب، لكنهم في الواقع أعيد توطينهم في مخيم “دير بلوط” بريف عفرين. إجمالاً كان عددهم حوالي /600/ عائلة من عائلات نازحة لجماعات المعارضة السورية المسلحة من جنوب دمشق، بالإضافة إلى /325/ عائلة فلسطينية.
وبتاريخ 18/10/2020، وفي إطار تشجيع التوطين وخطة التغيير الديموغرافي وإرساء أسس الحياة المستقرة للمستوطنين، استولت جمعية العيش في كرامة لفلسطينيي 48 على الأراضي المحيطة بالأملاك التي استولت عليها في قرية “تل الطويل” في شهر مايو/ أيار 2020، لبناء مسجد بتمويل من جمعيات الإخوان القطرية، كما أن الجمعية كانت بصدد منح الأرض المستولى عليها للمستوطنين للزراعة وإقامة مشاريع عليها.
يشار إلى أن بعض الجمعيات الدولية والتركية تشرف على عدد من مخيمات اللاجئين مثل مخيمي “دير بلوط” و”المحمدية” في منطقة عفرين، وتشرف عليها منظمة “أفاد” التركية وعدد من المنظمات الدولية الأخرى التي توفر خزانات المياه للطوارئ، سلال طعام، أدوات الطبخ، أقمشة، ملابس، سخانات.. إلخ. كما تشرف جمعية “الهلال التركي” على مخيمي البيل والصداقة” في منطقة الباب.
الآراء المنشورة في المنصة تعبر عن وجهة نظر كتّابها