متى ترد دمشق على هجمات إسرائيل التي تطال أراضيها؟
روبين عمر – مجهر
منذ بدء الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في قطاع غزة، بدأ مسلسل الاستهدافات بين إسرائيل وإيران، وعلى الأخص في الدول التي تنشط بها إيران وميليشياتها.
وتزداد وتيرة سيناريو هذا المسلسل يوماً بعد يوم لتبدأ إسرائيل باستهداف قيادات إيرانية رفيعة المستوى داخل لبنان وسوريا، آخرها كان الهجوم الذي استهدف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق والذي أسفر عن مقتل قيادات في “الحرس الثوري الإيراني”.
وحسب المرصد السوري، فإنه منذ مطلع 2024، “استهدفت إسرائيل الأراضي السورية 28 مرة”، مما أسفر عن “إصابة وتدمير نحو 56 هدفاً ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات”.
والجملة الشهيرة والتي باتت معروفة لدى جميع السوريين، “نحتفظ بحق الرد”، أو “سنرد في الوقت المناسب”، عبارات يطلقها مسؤولون في الحكومة السورية رداً على استهداف مواقع ومطارات في الداخل السوري، دون تسجيل أي حالة ردع أو رد على القصف الإسرائيلي المتكرر، سوى محاولة الدفاع الخجولة والتي تكون بمنظومة قديمة وغير قادرة على إيقاف الطيران أو الصواريخ الإسرائيلية.
سرٌّ عاجز
ويرى أحمد رحال، العميد السوري المنشق ومحلل عسكري وكاتب سياسي، أن سر صمت الحكومة السورية حيال الضربات الإسرائيلية هو “السر العاجز” وفقاً لتعبيره.
ويقول لـ مجهر: “على فرض قمت بأخبارهم أن بعد ساعتين من الآن ستقوم الطائرات الإسرائيلية بقصف مواقع داخل سوريا، فماذا سيفعل النظام السوري؟، إن كان لا يملك دفاعاً جوياً ولا يملك طائرات تواجه الطائرات الإسرائيلية، وبالتالي هو عاجز عن فعل أي شيء”.
وأضاف أن “النظام السوري لا يعلم بما يحدث على الأرض ولا يعلم بمن يتواجد من الإيرانيين على أراضيه، فهم يدخلون ويخرجون من سوريا دون علمه”.
وأوضح، أن جميع مواقع الجيش السوري أصبحت مقرّات للإيرانيين، كحزب الله والحرس الثوري الإيراني وميليشيات “زينبيون وفاطميون”.
وقال “باتت وزارة الدفاع السورية تتبع لإيران، أي محتلة من قبل إيران، وبالتالي الضربات الإسرائيلية تستهدف هذه الميليشيات الإيرانية، وأحياناً تتواجد في تلك المواضيع بعض ضباط الأسد أو ضباط الفرقة الرابعة أو ميليشيات أخرى غير إيرانية، فيتم استهدافهم كغيرهم، أما الضربات موجهة ضد الميليشيات الإيرانية وترسانتها ومستودعاتها ومقراتها”.
وأضاف: “وبالنسبة لإسرائيل قامت بتغيير سياستها من سياسة (جز العشب) أي ضرب فائض القوة إلى ضرب جذور التموضع الإيراني وبدأت بالقيادات والمستودعات الكبيرة، وكما رأينا ضرب مستودع (الدنحة والسفيرة) وقاعدة الإمام علي، واستهداف الدريج وجمرايا، فبالتالي اليوم هناك استهداف للوجود الإيراني في سوريا، بحسب قوله.
من جهته يقول العميد السوري المتقاعد علي مقصود، والخبير في الشأن العسكري، والمقيم في دمشق لمنصة مجهر، إن “العدو الصهيوني (إسرائيل) يلجأ في اعتداءاته على سوريا بتقديم السردية التي تقول أنها أهداف إيرانية وهذا ليس دقيقاً، فالعدو الصهيوني يستهدف مواقع عسكرية ومدنية ومنها المطارات المدنية تحت نفس الذريعة وقد يكون ويتواجد في هذه المواقع مستشارين إيرانيين جاؤوا إلى سوريا بطلب من القيادة الشرعية ولمحاربة الإرهاب وهذا يعني أن إسرائيل الداعمة لهذا الإرهاب المرتبط عضوياً بالكيان عندما كانت تواجه هزائمها في الميدان السوري تقوم إسرائيل بدعم هذه الجماعات الإرهابية، ومثال على ذلك ماحصل يوم ٣٠ أذار من عدوان إسرائيلي على شرق حلب وعدوان المجموعات الإرهابية بنفس الوقت على غرب حلب وأحياء في حلب بطائرات مسيرة”.
واستهدف هجوم إسرائيلي مبنى القنصلية الإيرانية في حي المزة بدمشق، الاثنين الفائت، وتوعدت طهران إسرائيل برد حاسم، وإلى جانب مقتل القيادي البارز محمد رضا زاهدي قتل أيضاً في الهجوم 5 مستشارين عسكريين آخرين في الحرس الثوري، وهم حسين أمان اللهي ومهدي جلالتي وشهيد صدقات وعلي بابائي وعلي روزبهاني.
ساحة لحرب عالمية
من جهته، قال نضال فندي، وهو عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لمنصة مجهر، إن “اسرائيل كيان عدوان واحتلال يمارس عدوانه وغطرسته على سوريا، وتركيا تحتل وتدمر وتعتدي، وذلك في ظل تغاضٍ دولي”.
وربط بين الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا والهجمات التركية على شمال وشرق سوريا قائلاً: “لولا الموافقة الأميركية لما كان السفاح أردوغان قادراً على شن هذا العدوان، فأميركا وروسيا يتصرفون وفق مصالحهم والجرائم العدوانية المرتكبة من الجولان وحتى القامشلي دليل على ذلك”.
ويعتقد فندي أن إسرائيل وفي هذا الظرف في ظل معركة حامية الوطيس في غزة لاتتجرأ على هذا العدوان لو كان هناك رفض روسي”، بحسب كلامه.
من جانبه قال العقيد السوري المنشق أحمد رحال، أن “روسيا قامت بسحب معظم سلاحها من سوريا، وهي بالأساس قالت أن وجود المعدات والأجهزة ومنظومات الدفاع الجوي الروسية لحماية الوجود الروسي في سوريا، وليس لحماية حزب الله أو نظام الأسد أو إيران، حتى منظومة صواريخ S300 الخاصة بالدفاع الجوي والتي منحتها للنظام قامت بسحبها مع بداية الحرب الأوكرانية”.
ولا يعتقد المحلل العسكري تواجد ضباط روس في أماكن الاستهداف، “أما ضباط الأسد متواجدين بسبب وجود الكثير من ضباط الأسد ممن يقوموا بالتنسيق مع الإيرانيين، وبالتالي يروحون ضحيتهم، كما حدث في السفيرة، رأينا مقتل عدد لا بأس به من السوريين إثر ذلك الاستهداف” بحسب رحال.
وكسابقه، أكد العميد المتقاعد علي مقصود، أن المواقع التي يتم استهدافها في سوريا لا يوجد فيها ضباط روس بينما يوجد فيها ضباط سوريين.
وختم في تصريحه، أن “روسيا ليس مطلوب منها أن ترد وتجعل من سوريا ساحة لحرب عالمية ولكن هناك تحول كبير في الموقف الروسي من الكيان وتصعيد دبلوماسي بوجه الكيان وتعزيز القدرات القتالية لسوريا ومحور المقاومة على كامل الجبهات والمنطقة”، بحسب مقصود.