تقارير

غلاء الأسعار يحرم عوائل نازحة في إدلب من تأمين قوت رمضان

(مريم الغريب-إدلب)

تزامناً مع قدوم شهر رمضان ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في إدلب شمال غربي سوريا، في ظل واقع اقتصادي متردي وتدهور قيمة الليرة التركية التي يتعامل بها أهالي المنطقة. 

لم تتمكن النازحة سميرة معراتي(45 عاماً) التي تقيم في مخيم  سرمدا شمالي إدلب، من شراء كل احتياجات عائلتها لشهر رمضان هذا العام، وقالت: “رمضان هذا العام صعب على الجميع، فقد اختفت أهم العادات الرمضانية المتوارثة، حيث كنا نجهز احتياجات رمضان قبل شهر، وأما الآن الوضع صعب جداً، وارتفاع الأسعار فاق قدرتنا الشرائية، وخاصة اللحوم، لذا لم نتمكن من تأمين معظم احتياجاتنا التي اعتدنا عليها كل عام.”

وتبين معراتي  أنها اعتمدت هذا العام على شراء بعض الحاجيات الأساسية والمواد الرخيصة الثمن من الأنواع الرديئة، والتي شارف بعضها على انتهاء مدة الصلاحية .

وتؤكد أن جميع المواد الغذائية متوفرة في الأسواق، ولكن الأسعار ليست في متناول الفقراء، دون تدخل من “حكومة الإنقاذ” لضبط الأسعار ومراقبة الأسواق .

وتشير معراتي أنها تحاول قدر المستطاع أن تحافظ على عادة سكب الطعام لجيرانها خلال شهر رمضان رغم بساطة الأطباق، إلا أنها قد تساعد بها عائلات لم تتمكن من طهي الطعام، وتعتمد على النواشف الموجودة في منازلهم.

ووسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية فإن الموائد الرمضانية باتت تواجه تحدياً في الحفاظ على أطباق شعبية اعتادت الأسر على تقديمها عند الإفطار.

علي القاسم(41 عاماً) النازح من مدينة معرة النعمان إلى مخيم عشوائي في مدينة إدلب، يعيل خمسة أفراد، يتحدث عن شهر رمضان، وقلقه من الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها، بالقول: “العامل الذي يتقاضى راتبه بالليرة التركية لم يعد قادراً على توفير جميع احتياجاته الغذائية بشكل يومي، لذلك تغيرت سفرة رمضان كثيراً، فأغلب العوائل باتت تعتمد على الحبوب بدلاً من اللحوم والدجاج، كما أن الحلويات التي اعتدنا على تناولها خلال الشهر أصبحت أموراً ثانوية .”

ويشير أن معظم العوائل في المخيم اضطروا للاستغناء عن تحضير الوجبات المكلفة مادياً، والاعتماد على أطباق الأرز والبرغل والأصناف الغذائية التي يتم توزيعها من قبل منظمات المجتمع المدني بين الحين والآخر.

ويلفت القاسم أنه يعمل في البناء رغم الصيام والتعب، لأن هناك احتياجات ضرورية لا تتوقف، ويزداد الأمر صعوبة خلال شهر رمضان، مما يعني أعباء مالية إضافية، يأتي كل هذا مع الارتفاع المتسارع لأسعار السلع الغذائية.

ويردف باستياء: “إلى جانب الغلاء تشهد أسواق إدلب حالة فوضى في الأسعار بفوارق كبيرة بين محل وآخر، في ظل غياب شبه تام للرقابة التموينية عن الغبن والاحتكار الحاصل في الأسواق.”

من جهته جمال السلطان(55 عاماً) من مدينة إدلب يعمل تاجراً للمواد الغذائية يتحدث عن أسباب الغلاء بالقول: “شهدت أسواق إدلب غلاء غير مسبوق شمل أصناف المواد الغذائية والخضروات واللحوم، ما أثار موجة من السخط الشعبي على الجهات الرقابية والتموينية التابعة لحكومة الإنقاذ .”

ويضيف السلطان: “يقوم التجار بشراء المواد الغذائية بالدولار الأمريكي، وبيعها للمواطن بالليرة التركية التي سجلت خلال الفترة الأخيرة انهياراً كبيراً، حيث وصل الدولار الواحد إلى قيمة 33.50 ليرة تركية .

ويشير السلطان أن “هيئة تحرير الشام” تعمل على فرض الضرائب على التجار العاملين في إدلب وأخذ نسبة من أرباحهم، وهو ما يبرر أيضاً ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية .

مع حلول شهر رمضان المبارك، زادت أعباء المدنيين في إدلب على وقع ارتفاع الأسعار واستمرار تدهور قيمة الليرة التركية، في ظل قلةِ المساعداتِ الإنسانيةِ وتردي الوضعِ المعيشي فضلاً عن النزوحِ وغيابِ فرصِ العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى