تقارير

 بعد هجوم موسكو.. “داعش” إلى الواجهة مجدداً ومخاوف من عودة على نطاق أوسع

روبين عمر – مجهر

يتفق سياسيون وصحفيون على مساعي تنظيم “داعش” للعودة مجدداً، وبشكل أخطر، بهدف تحويله إلى جزء من السجال الدولي، في ظل تغاضٍ دولي.

وأعلن تنظيم “داعش” عبر معرفاته “تيليجرام” مسؤوليته عن الهجوم على قاعة حفلات موسيقية قرب موسكو، وقال التنظيم فى بيانه، إن عناصره “هاجموا تجمعاً كبيراً في ضواحي العاصمة الروسية موسكو”، ولقى 115 شخصاً روسياً بينهم أطفال حتفهم وأصيب أكثر من 150 آخرين، عندما فتح مسلحون يرتدون ملابس مموهة النار من أسلحة آلية على أشخاص خلال حفل موسيقي في قاعة (كروكس سيتي) بالقرب من موسكو يوم الجمعة الفائت، فى واحدة من أسوأ الهجمات التى تشهدها روسيا منذ سنوات.

وظهر تنظيم “داعش – ولاية خراسان” في شرق أفغانستان أواخر 2014 وسرعان ما ذاع صيته بسبب وحشيته الشديدة، واستمد اسم “خراسان” من كلمة قديمة أطلقت على منطقة شملت أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان.

“داعش” يعود مجدداً

يقول الكاتب والصحفي، حسين جمو، لمنصة مجهر، إن “هجوم داعش الأخير في روسيا يكشف عن مساعي التنظيم العودة إلى الأضواء مجدداً، واختار هجومه الإرهابي بعناية بهدف تحويل نفسه إلى جزء من السجال الدولي، وهو ما تحقق فعلاً خلال البيانات الأولى الروسية التي تتهم أوكرانيا بالتورط في دعم أو تنظيم الهجوم الإرهابي،  كما تشن حسابات موجهة حملة ضد الولايات المتحدة عبر تحريف أخبار تضع واشنطن في دائرة الاتهام في الهجوم”.

بينما يقول غسان يوسف، وهو محلل وكاتب سوري مقيم في دمشق، إن “داعش لا يمكن القول أنه يعود إلى الواجهة لأنه موجود ويقوم بهجمات في البادية السورية، هو أيضاً نفذ عمليات في إيران، وتوسع في أفريقيا وفي آسيا الوسطى والصين وفي روسيا وفي كل مكان”.

وأضاف: “داعش خراسان اليوم هو التنظيم البديل لداعش، أو ما يسمى الدولة الإسلامية ولكن في نفس الوقت هو على تعاون مع داعش الموجود في سوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة”.

وتابع بالقول: “لا يمكن لداعش أن يقوم بأي أعمال في حال لم يكن هناك تعاون من دول معينة، التحقيقات تشير إلى ثلاثة دول، تركيا، أوكرانيا والولايات المتحدة” وفقاً لقوله .

“استغلال الحروب”

ويقول الدكتور عبدالكريم عمر، وهو ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في أوروبا، إن “العملية الإرهابية التي قام بها تنظيم داعش في موسكو، تؤكد ما قلناه وما نقوله بشكل يومي، بأنه ورغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية في ٢٣ من آذار عام ٢٠١٩ الانتصار على التنظيم، هذا الانتصار كان مهماً جداً وبات يوماً تاريخياً بالنسبة لسوريا عموماً والمجتمع الدولي، ولكن هذا الانتصار كان على الصعيد الجغرافي فقط، فنحن قضينا على تنظيم وخلافة داعش، ولكنه لم ينتهي فعلياً، فالتنظيم قوي جداً ويستغل الفرص من الأزمات الدولية، فاستغل الحرب بين أوكرانيا وروسيا، والآن يستغل الحرب بين حماس وإسرائيل، ويقوم بشكل مستمر بإعادة تنظيم وتفعيل نفسه”.

ويضيف لمجهر، أن “التنظيم ما زال موجوداً في شمال وشرق سوريا، عبر الفكر الذي زرعه في المنطقة والخلايا النائمة التي تنشط في المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم لمدة سنوات كالرقة ودير الزور، وما زال موجوداً عبر آلاف المقاتلين المحتجزين لدينا ولم تتم محاكمتهم حتى الآن، وعبر عشرات الآلاف من عائلاته المتواجدون في المخيمات كمخيم روج والهول، ومن بينهم ٣٠ ألف طفل، هؤلاء الأطفال يتدربون على الفكر الإرهابي”.

الاستفادة من “الخلافات الحادة” بين الأطراف الفاعلة

يقول الكاتب والصحفي حسين جمو، إن تنظيم “داعش” منذ بدء حملته الوحشية على المجتمعات السورية في 2014، بنى توسعه على فكرة الفراغ الناجم عن الخلافات الحادة بين الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران حول سوريا والعراق.

وأضاف: “كلما اتسعت هوة الخلافات بين القوى الدولية في منطقة محددة، كلما كان ذلك مفيداً لتنظيم داعش، لأن إرادة الردع المشترك للتنظيم من جانب اللاعبين الدوليين تكون في الحضيض، بل إن بعض القوى الإقليمية كانت تشعر بالارتياح، وما تزال، حين كان تنظيم “داعش” يشن هجمات وحشية على الكرد. إن بيئة التناقضات ما زالت قوية في سوريا”، وفقاً لقوله.

ويشير جمو إلى أن إمكانية عودة تنظيم “داعش” إلى تنفيذ هجمات قاتلة على غرار هجوم موسكو قد يترافق مع إعادة التنظيم صفوفه وشن هجمات للاستيلاء على أراض جديدة يؤسس فيها حكمه.

وقال “هذا يستدعي دعم الهياكل والأطر القائمة لضمان هزيمة التنظيم وقطع الطريق على عودته في ترهيب المجتمعات السورية”.

تغاضٍ دولي

وأبدى من جانبه المحلل والكاتب السوري غسان يوسف، الاعتقاد أن “كل الدول قصرت في ملاحقة تنظيم داعش، كما أن الولايات المتحدة بعد سقوط الباغوز لم تكن بالمعنى الحرفي تحارب تنظيم داعش حتى أنها لم تساعد قوات سوريا الديمقراطية على الاستمرار في محاربة داعش بشكل كاف، وأيضاً تركيا فهي تعتبر هي الوحيدة التي مازالت تدعم داعش بشكل علني وتدعم المجموعات الراديكالية الموجودة في إدلب وهي الأماكن التي تحمي داعش”، بحسب يوسف.

ويرى يوسف، أن روسيا قصرت كثيراً في ملاحقة التنظيم خصوصاً في مناطق إدلب ومناطق البادية، لافتاً أن تراخي الدولة أدى إلى أن يكون هناك نوع من إعادة إحياء “داعش” والوصول إلى أهدافه في هذه الفترة.

وقال من جانبه عبدالكريم عمر ممثل الإدارة الذاتية، “إذا استمر الوضع على هذه الشاكلة ولم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته أمام هذا الملف، فنحن أمام بناء جيل جديد من الإرهاب، ونحن قلناها مراراً وتكراراً، ولكن المجتمع الدولي يتغافل عن هذا الملف”.

وأشار إلى أن “هؤلاء العناصر المحتجزين وعائلاتهم في المخيمات بمثابة قنبلة موقوتة، لا نعلم بأي لحظة قد تنفجر، واذا انفجرت فلن تقتصر تداعياتها على منطقتنا فقط، بل على المجتمع الدولي ككل، بحسب عمر.

ونوه عمر،  بأنه يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته سواء كانت من الدول التي تشكل منها التحالف الدولي أو الدول الأخرى.

وقال: “يجب عليهم تقديم المساعدة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية، لمواجهة الخلايا النائمة لتنظيم داعش، وتقديم المساعدة الاقتصادية أيضاً، ويجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته أمام ملف مقاتلي التنظيم المحتجزين في السجون، وعائلاتهم في المخيمات، وإن لم يحصل ذلك، فنحن أمام معضلة كبيرة، أخطرها أن يستيقظ العالم في يوماً ما ليرى بأن التنظيم أعاد هيكلة نفسه، وأعاد إعلان خلافته مجدداً”.

الموقف الأميركي

ومن جهته يعتقد جون روسوماندو، وهو خبير الأمن القومي في واشنطن، أنه ومن المرجح ألا يكون للهجوم في موسكو أي آثار فورية في سوريا ما لم يقرر جو بايدن الانسحاب من سوريا، والذي “قد يؤدي ذلك إلى عودة تنظيم داعش على نطاق أوسع”، وفقاً لروووماندو.

ويقول لمجهر، “يُعتَقَد أن الفرع الأفغاني كان وراء هجوم موسكو. إنه أمر مقلق، لكنني لا أرى أي آثار فورية على سوريا.

وقال: “الموقف الأمريكي هو أن داعش كان وراء الهجوم وحذر روسيا مقدماً”، بحسب قوله.

زر الذهاب إلى الأعلى