تقارير

نباتات الأرض ..غذاء ودواء عائلات في إدلب

مريم الغريب– إدلب

تعتمد كثير من العوائل في إدلب على ما تنبته الأرض خلال فصل الشتاء لتأمين وجبة طعام مجانية، وسط ظروف معيشية صعبة، ووجود عائلات دون مُعيل.

“الخبيزة، الدردار، الحميضة والمخاترية”، هي أنواع من الأعشاب البرية التي تجمعها النازحة “سهيلة البارودي/ 46 عاماً” من الأراضي والأماكن القريبة من المخيم، بهدف طهي الطعام لأطفالها، وحول ذلك تقول: “بعد نزوحنا من مدينة “سراقب” وإقامتنا في هذا المخيم، أصبحنا لا نملك في كثير من الأيام ثمن شراء الخضار من السوق، لذا نعتمد على هذه الوجبة المجّانية التي تعيننا على تأمين لقمة عيشنا، هرباً من غلاء الأسعار في الأسواق”.

وتبيّن “البارودي” أنها تجمع الحشائش البرية لإعداد “الحويش” كما يعرف شعبياً، وهو طبق صحي وسهل التحضير، ويفضله الكثير من السكان، حيث تقوم بتنقية ما تجمعه من أعشاب وتغسلها جيداً قبل طبخها مع قليل من الزيت والبصل.

وتنوّه إلى أن فصل الربيع من كل عام يعتبر موسماً تقوم فيه النساء بجني أنواع النباتات البرية، وعن ذلك تقول: “الواقع المعيشي المتردّي، وقلة الإمكانيات المادية، تجبرنا على الخروج إلى البراري والجبال لجمع هذه النباتات التي تُروى بمياه الأمطار، ونقوم بأخذ حاجتنا منها، فيما نبيع ما تبقّى منها لشراء مادة الخبز وحاجات ضرورية أخرى”.

أما الطفل “محمد كلثوم/ 12 عاماً” النازح من مدينة “بداما” إلى مدينة إدلب؛ فيعمل في جمع نبات “الفطر” من الأراضي الزراعية، وحول ذلك يقول: “أحاول من خلال عملي هذا أن أساعد والدي الذي بَتَرَت الحرب قدمه وحرَمته من العمل والعيش بشكل طبيعي”.

ويؤكد “كلثوم” أنه يقطع مسافات بعيدة عن منزله لتحصيل مبلغ لا يتعدى دولارين يومياً ثمن مبيع كمية الفطر الذي يجمعه، ويؤكد أنه يبيع ما يقطفه لأصحاب دكاكين بيع الخضار الموجودة في السوق الشعبي.

كما تلجأ نازحات لجمع الأعشاب البرية التي تدخل في علاج كثير من الأمراض، ويتم جمعها وبيعها لمحلات العطارة في المنطقة، وتعد مصدر رزق موسمي لعدد من النساء والأطفال.

“هناء العبيد/ 33 عاماً” نازحة من مدينة “معرة النعمان” إلى بلدة “كفرعروق” شمالي إدلب، تعيل ثلاثة أطفال بعد موت زوجها، وتعتمد في معيشتها على العمل في الأراضي الزراعية، وعن ذلك تقول: “يتوقف العمل في الزراعة خلال فصل الشتاء، لذا أقصد الجبال والبراري برفقة عدد من نساء المخيم لجمع الأعشاب الطبية بهدف بيعها والاستفادة من ثمنها”.

وتضيف: “الطبيعة تجود علينا بأنواع من النباتات، منها ما يؤكل، ومنها ما يستخدم للعلاج الطبي مثل البابونج، القبّار والميرمية، وغيرها”.

وتؤكد “العبيد” أن العمل لا يخلو من المشقة والتعب، باعتبار أن الأعشاب لا تنمو في مكان واحد، بل على امتداد الجبال  والمجاري المائية وفي محيط الأشجار، والعثور عليها أمر صعب في كثير من الأحيان، إذ يتطلب جمع كيلوغرام واحد يوماً كاملاً في بعض الأيام.

المرشدة الاجتماعية “نوال الضامن/ 41 عاماً” من مدينة “سرمدا” شمالي إدلب تتحدث عن عمل النساء بالقول: “مع تدهور أوضاع النازحين في مخيمات الشمال السوري؛ تحاول نازحات البحث عن فرص عمل ليتمكن من إعالة أسرهن، وتحسين أوضاعهن المعيشية”.

ورغم أن الكثير من النساء اضطررن للعمل، إلا أن معظم النساء اللواتي فقدن المُعيل لا يحظين بفرصة عمل، ما دفع بعضهن لمزاولة أعمال بسيطة.

وتشير “الضامن”إلى أن أغلب النساء يضطررن لجمع الزهور الطبيعية وتجفيفها وتخزينها في منازلهن خلال فصل الربيع للتداوي بها، حيث يجدن فيها طريقة أفضل من التداوي بالأدوية والعقاقير الطبية غالية الثمن.

تجد نساء نازحات في جمع الأعشاب البرية مصدر رزق ووجبة طعام مجانية وسط الفقر والنزوح وشح فرص العمل، دون الرجوع إلى الأسواق الملتهبة بالأسعار التي تفوق قدراتهم وإمكاناتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى