تقارير

غلاء الأدوية..يزيد أوجاع المرضى في إدلب

مريم الغريب– إدلب

تشهد محافظة إدلب ارتفاعاً في أسعار الأدوية، وانقطاعاً لبعض الأصناف الدوائية، حيث لا يجد الكثير من المرضى أدويتهم، ويعانون من ارتفاع ثمنها إن وجدت، الأمر الذي يهدد حياة الكثير من أصحاب الأمراض المزمنة.

الطبيب “محمد عبد الجواد” يتحدث عن أسباب غلاء الأدوية بقوله: “هناك عائلات كثيرة اليوم عاجزة عن شراء حتى أبسط أنواع الأدوية، وتلجأ لجمعيات خيرية أو صيدليات مجانية للحصول عليها، رغم أن الدواء حاجة ضرورية تتعلق بحياة البشر وسلامتهم، ولا يمكن الاستغناء عنه، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، كأدوية القلب والكلى وغيرها”.

ويضيف الطبيب بالقول: “أصبح اﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻓﻲ إدلب ﺃﻣﺮﺍً ﺻﻌﺒﺎً، ﻓﻬﻲ ﺇﻣّﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻓﺮﺓ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﻴﺎﺕ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﺳﻌﺮﻫﺎ ﺳﺠّﻞ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﺎً كبيراً، ويعود ذلك إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وتهاوي قيمة الليرة التركية”، مؤكداً أن ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺑﺮ ﻣﻊ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، وﻓﺮﺽ ﺿﺮﺍﺋﺐ ﻣﺎﻟﻴﺔ كبيرة ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ، ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺭﻓﻊ ﺃﺳﻌﺎﺭها.ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ الطبيب ﻭﺟﻮﺩ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﻭﺗﺨﺰﻳﻦ ﻟﻸﺩﻭﻳﺔ ﻟﺪﻯ ﺑﻌﺾ الصيدليات وﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺩﻋﺎﺕ.

ويشير إلى أن التحكم بأسعار الدواء من قبل الصيادلة، والفوضى الناجمة عن التلاعب بمواصفات الأدوية ونوعيتها، سواء كانت سورية أو تركية أو أوروبية، أدى إلى انعدام الثقة بين المرضى والصيادلة، الذين أصبح الهدف الأساسيلمعظمهم جني الأرباح على حساب صحة الأهالي.

الخمسينية “عائشة البرّ” النازحة من بلدة “حيش” بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم عشوائي في مدينة “سرمدا” شمالي إدلب، مًصابة بأمراض الضغط والسكري، وعن معاناتها تتحدث لمنصة “مجهر” قائلة: “اﻟﻐﻼﺀ ﺍﻟﻔﺎﺣﺶ ﻷﺳﻌﺎﺭ ﺍﻷﺩﻭية ﻳﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻋﻠﻰ صحتي ﻭﺻﺤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺛﻤﻨﻪ، ﻓﻲ ﻇﻞ النزوح وانخفاض الأجور وﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ ﺍلصعب ﺍﻟﺬﻱ نعيشه”.

وتشير “البرّ” إلى أنها تحصل في بعض الأحيان على الدواء مجاناً من صيدلية مجانية قريبة من مكان نزوحها، ولكن عدم وجوده في كثير من الأحيان يحرمها من العلاج، ويشكل خطراً على صحتها.

من جهته الصيدلي “علاء الحمّادة” من مدينة “سرمدا” يقول: “ارتفع سعر الدواء السوري ما بين 50 إلى 100%، أما الأدوية المستوردة، فقد ارتفعت بنسب أكبر، ومن أبرز الأدوية التي فُقِدت من الصيدليات، هي أدوية الأمراض القلبية، ما يجبر المرضى على استبدال الدواء المعتاد بأصناف من صناعة تركية، أو تأمين بديل عنه من المشافي المجانية”.وأشار “الحمّادة” إلى وجود مشكلة حتى بالنسبة للأصناف المتوفرة، فارتفاع أسعارها بنسب كبيرة بلغ في بعض أصناف الأدوية الضرورية نسبة 100% وجعل من الصعب تأمينها.كما يلفت أن وزارة الصحة التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” زادت ضريبتها على الأدوية من 1.5 بالمئة إلى30 بالمئة، كما رفعت رسوم ترخيص افتتاح الصيدليات من 100 إلى 300 دولار أمريكي.

الزيادات المتسارعة في سعر الدواء، جعلت “جمال طقيقة/45 عاماً” من مدينة إدلب عاجزاً عن الحصول على أدويته في الكثير من الأحيان، وعن ذلك يقول: “أعاني من التهاب بالأعصاب، وأجد صعوبة في تأمين أدويتي من الصيدليات، لذا أضطر للحصول على أدوية تركية بديلة رغم أنها ليست بدرجة الفعالية نفسها، وتسوء حالتي حين أبقى دون دواء لفترات طويلة تصل إلى شهر كامل جراء عجزي عن تأمين ثمنه”.

تهدد أزمة الأدوية حياة كثير من أهالي إدلب في ظل الأوضاع المعيشية المتدهورة وضعف القوة الشرائية، حيث ﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺤﺚ ﻭﻗﻠﻖ ﺑﻌﺪ ارتفاع أسعار الكثير من الأصناف الدوائية، ما يشكل عبئاً يثقل كاهلهم ويزيد أوجاعهم.

زر الذهاب إلى الأعلى