وثائق مسربة تكشف مسودات اتفاقات بين دمشق وطهران وعجز دمشق دفع ديونها
كشفت وثائق إيرانية رسمية، سربتها “مجموعة قراصنة” معارضة مسودات اتفاقات بين دمشق وطهران بما فيها مسودة “مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي” بين البلدين.
الوثائق المسربة كشفت لمحة عن جوهر العلاقات بين دمشق وطهران، ومنها استرداد الديون الإيرانية وقضية الإيرانيين المقيمين في سوريا.
الأزمة السورية
أشارت الوثائق المسربة إلى أن سوريا دخلت منذ مطلع عام 2011 في أزمة كبيرة لم يتم التوافق بعد على حل مستدام للخروج منها.
وأضافت أن “الأزمة الأوكرانية قد تؤثر على مسار التطورات في سوريا في مستويات عدة منها
أولاً: انخفاض التركيز العسكري الروسي على التطورات الميدانية في سوريا مما يؤدي إلى زيادة نشاط الجماعات الإرهابية.
ثانياً: انخفاض الدعم الروسي لسوريا في ما يتعلق بتوفير المستلزمات الاقتصادية بخاصة القمح والحبوب.
ثالثاً: تنظيم عناصر متطرفة وإرسال جزء كبير منهم إلى أوكرانيا من قبل الدول الغربية وبتعاون تركي من أجل القتال ضد الجيش الروسي، وفي المقابل حشد القوات في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية من أجل القتال ضد الجيش الأوكراني.
عمليات عسكرية تركية في سوريا
تقول الوثائق، إن الجيش التركي قام منذ أغسطس (آب) 2016 بثلاث عمليات عسكرية في مناطق مختلفة في شمال سوريا تحت عناوين “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” .
وكشفت الوثائق أن إيران أدرجت القيام بجهود لمنع الهجوم العسكري التركي على شمال سوريا وانعقاد مفاوضات أمنية بين دمشق وأنقرة حول الملف الكردي ضمن جدول أعمال سياستها الخارجية.
الغارات الإسرائيلية
في هذا المحور، تحدثت الوثائق عن استمرار الغارات التي تشنها إسرائيل في المناطق السورية المختلفة بذريعة مكافحة الوجود العسكري الإيراني وإرسال الأسلحة لـ”حزب الله”.
وقالت إن مجلس الأمن الدولي يلتزم “صمتاً مشبوهاً” حول هذه الغارات وأن روسيا اضطرت إلى الإعلان عن معارضتها علناً لهذه الغارات بسبب الضغوط الدبلوماسية الإيرانية واحتجاج السوريين من جهة وموقف الحكومة السورية حول أوكرانيا.
الوجود العسكري الأميركي
قالت الوثائق، إن وجود القوات العسكرية الأميركية في منطقتي شرق الفرات والتنف في سوريا مستمر، وقامت هذه القوات بإنشاء قواعد كثيرة في هذه المناطق وتعتبر أن لديها مهمتين رئيستين.
أولاً: منع إعادة فتح المعبر الحدودي البري بين العراق وسوريا وحرمان إيران من استخدام هذا المعبر للتجارة مع سوريا ولبنان عبر العراق ومن الوصول إلى البحر المتوسط.
ثانياً: تنظيم وتجهيز “داعش” وجماعة “مغاوير الثورة” المسلحة بهدف مواجهة الجيش السوري والقوات المتحالفة معه.
الأوضاع الاقتصادية في سوريا
أكدت الوثائق أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات كثيرة مثل هبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وذلك بسبب تشديد العقوبات الأوروبية والأميركية، بخاصة عقوبات قانون قيصر التي تم إقرارها في 2019.
وقالت، إن الشعب السوري يعاني من أزمة القمح وبالتالي الخبز والنقص الحاد للوقود مما سبب استياء شعبياً. وإن الظروف الصعبة تجعل النشاط الاقتصادي في سوريا صعباً للغاية.
وأشارت إلى أن إيران قامت بتزويد سوريا بخطوط إمداد عديدة تشمل السلع والنفط وتعمل على توقيع عدد من الاتفاقيات والصفقات مع سوريا كغطاء لتسديد جزء من ديون سوريا إذ إن بعض هذه الصفقات والاتفاقات بلغت مرحلتها النهائية وعدداً آخر لم يبلغ المرحلة النهائية بعد.
استرداد جزء من ديون إيران
وتشير الوثائق في إحدى الفقرات المعنونة بـ”عدم التنسيق الداخلي في أرضية اتخاذ السياسات الاقتصادية الموحدة للتعامل مع الحكومة السورية”، إلى وجود 14 منظمة ومؤسسة اقتصادية إيرانية تنشط في سوريا، وأن التنسيق في ما بينها هو أحد أهم البرامج للتعامل مع الوزارات والمنظمات السورية.
التحرك الإيراني في سوريا يثير تكهنات حول أسبابه
ووفقاً للوثائق، يجب على السفارة والسفير الإيراني لدى سوريا التركيز على هذا الموضوع كمحور أساسي وفقاً لقرار الرئيس الإيراني، ويجب إعلان ذلك من قبل الرئيس لجميع المؤسسات.
وذكرت أن إيران سارعت لمساعدة دمشق من خلال إرسال مليوني برميل نفط شهرياً خلال السنوات الـ10 الماضية، وارتفعت هذه الكمية إلى ثلاثة ملايين برميل شهرياً مع إقرار الملجس الأعلى للأمن القومي.
وبحسب الملف المسرب، فإنه وفقاً لوثيقة تحديد الديون، “من الضروري أن نطلب من سوريا استرداد جزء من ديون إيران”.
وتشير الوثائق المسربة إلى أن “استرداد الديون الإيرانية المترتبة على دمشق أمر صعب نظراً للظروف الاقتصادية السورية، وغير ممكن فعلياً في ظل الظروف الحالية”.
وأضافت أن الخط الائتماني الأول المقدر بمليار دولار، الذي تم دفعه بحسب قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لم يتم سداده من قبل دمشق حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، أكدت الوثائق دفع نحو 270 مليون دولار بهدف تنفيذ الخط الائتماني الثاني المقدر أيضاً بمليار دولار، وأن السبب الرئيس لعدم تكملة تحويل ما تبقى من قيمة الخط الثاني هو نقص السيولة في البنك المركزي الإيراني.
الإيرانيون في سوريا
تقول الوثائق “يقيم نحو 8 إلى 10 آلاف مواطن إيراني في سوريا ويعود تاريخ إقامتهم في سوريا إلى 200 سنة، وتسكن هذه الفئة من الإيرانيين بشكل رئيس في مدينة دمشق وأن الأجيال الثانية والثالثة من مواليد سوريا، ويتمتع قلة منهم بظروف معيشية جيدة بسبب حصولهم على شهادات جامعية عليا، ولكن البقية لا يتمتعون بظروف مالية مناسبة ومنهم النساء الإيرانيات المعيلات لأسرهن واللاتي يواجهن تحديات معيشية عديدة على المستوى الصحي والعلاج والخدمات التعليمية لأبنائهن”..
وأشارت إلى الكلفة الباهظة للخدمات الصحية وعدم قبول الإيرانيين في المستشفيات الحكومية. وقالت، إن كلفة الحصول على الأدوية والخدمات العلاجية في سوريا باهظة (بناء على القوانين السورية، فإنه يتم التعامل مع الإيرانيين كرعايا أجانب شأنهم شأن سائر الرعايا الأجانب)، ويجب أن يدفع الإيرانيون بالدولار. إضافة إلى غياب خدمات التأمين الصحي وتبعاته السلبية على حياة الإيرانيين.
ومن التحديات أيضاً، عدم إعطاء البطاقة الذكية الخاصة بالوقود والخبز وغيره للإيرانيين وأزمة السكن. وأيضاً، غياب القدرة المالية على دفع تكاليف الخدمات القنصلية بخاصة الحصول على جواز السفر. وعدم إمكانية قبول الإيرانيين في الجامعات الحكومية (غير العدد المحدود المقرر في اتفاقية المنحة الدراسية).