بسبب الأوضاع الاقتصادية.. العمل بات محور حياة الطلاب السوريين
تواجه “منار سالم/ 23 عاماً”، وهي طالبة في كلية التجارة والاقتصاد في جامعة دمشق، كل يوم ذات الصعوبات في مدينة دمشق ما بين العمل والدراسة وتكاليف الحياة الصعبة.وتقول “منار” عن الغرفة التي استأجرتها: “الغرف المستقلة نادرة، والأسعار الباهظة طالت جميع مستلزماتنا وأساسيات حياتنا، فأنا من محافظة حماة، واضطررت لاستئجار غرفة في الشام/ دمشق من أجل دراستي الجامعيةوأجارها/800/ ألف ليرة سورية شهرياً، وهي عبارة عن حيطان فقط في منزل عربي بمنطقة “باب توما”، هذا إضافة إلى ثمن المحاضرات والمواصلات التي لا يمكن الاستغناء عنها”.
صعوبة المعيشة والسكن
بحسب الأرقام والإحصائيات؛تعتبرُدمشق من أغلى المدن بالعقارات، رغم أنّ سكانها هم الأقل دخلاً في العالم، فراتب الموظف لا يتجاوز /30/ دولاراً أمريكياً، وهذا ما يشكل معاناة بالنسبة للطلاب القادمين من محافظات أخرى إلى دمشق من أجل الدراسة. ورغم وجود سكنٍ جامعيّ في الجامعات الحكومية، إلا أنّه يشهد مزاحمات هائلة ووساطات كبيرة بسبب قلة عدد الغرف مقارنة بعدد الطلاب، عدا عن تزاحم الطلاب بشكل كبير ضمن الغرفة الواحدة، الأمر الذي يؤثر على دراستهم بسبب انعدام الجو المناسب، بالمقابل يسعى الطالب للعمل ساعات طويلة لتأمين متطلباته المعيشية والدراسية،فطلاب الجامعات اليوم مشغولون بالبحث عن عمل أكثر من الدراسة، إضافة إلىالمعاناة الكبيرة من ناحية المواصلات بين أماكن السكن ومقر الجامعة، فالمواصلات تتطلب مصروفاً مستقلاً نظراً لبُعدِ الأماكن التي يسكن فيها الطلاب عن جامعاتهم.
“محمد غازي”،”اسم مستعار”، طالب في كلية الآداب قسم اللغة العربية، يقول: “أعيش في السكن الجامعي، في غرفة مع /6/ شباب، حيث لا توجد لدينا مدفأة، وكذلك لا يتوفر وسط جيد للدراسة، ولكننا نحاول قدر الإمكان مساعدة بعضنا، فجميعنا نعمل وندرس، ونتناوب في الغرفة ما بين تحضير الطعام أحياناً، والدراسة عندما يكون البعض في العمل، لكن الوضع أثناء الامتحان صعب جداً، ولا نستطيع التوقف عن العمل، أو الخروج للدراسة في الحديقة أثناء المطر أو البرد”.
وأردف “محمد” بالقول: “محاولة التوفيق بين العمل والدراسة شبه مستحيلة، بسب الضغوط الحياتية المرافقة للدراسة والمصاريف العديدة،ويمكن القول إن التجربة بأكملها لا تتمحور حول الدراسة فقط، بل حول الوضع السيء والاستغلال الذي نقع ضحيته كطلاب، جميع من أعرفهم يعملون في وظيفة لتأمين مصاريفهم وأحياناً في وظيفتين. لذلك يصبح التعليم أصعب مما ينبغي عليه أن يكون”.
ويضيف: ” العمل بات محور حياة الطلاب السوريين، ما جعل الدراسة ثانوية لدى البعض، والبعض الآخر اضطر لترك الجامعة والسفر بسبب الجيش، أو صعوبة المعيشة، فالطلاب أضاعوا أيامهم ما بين العمل والحسرة والتفكير في المستقبل المجهول في هذا البلد”.
التعليم ليس مجانياً!
الجامعات تفرض أسلوب حياة باهظة ومرهقة على طلابها، والعملية بأكملها تستنزف طاقة الشباب، حيث تبدأ من المواصلات التي تفرض عليهم الخروج قبل ساعة أو ساعتين لضمان الوصول على الميعاد، إلى شراء الكتب والمحاضرات اللازمة.
عبّرت “ماريا”، وهي طالبة في كلية الإعلام، لمنصة “مجهر” قائلةً:”في جامعتي تم رفع أسعار المواد الورقية عدة أضعاف خلال سنة واحدة، على الرغم من أنها كانت مخزَّنة في المستودع منذ عدة سنوات، وكأنهم يستغلوننا ويبدو أنهم كتجار الأزمات، فمنذ مدة اشتريت محاضرات لـ/3/ مواد واضطررت لدفع /125/ ألفاً أي ما يعادل نصف راتب أبي وأكثر،بالإضافة إلى كمية الضغط والاستغلال الذي نخضع لها كطلاب والتي غيرتنا نفسياً للأسوأ”.
وأضافت “ماريا”: “بحكم أنني أعيش مع عائلتي؛ فأنا غير مضطرة للاستئجار، لكنني أعرف عدة أشخاص يعيشون في غرف ضيقة بلا أي منفذ للضوء، ويدفعون أسعاراً خيالية بحجة أنها قريبة من الحرم الجامعي، الأمر في غاية السوء”.
بالمقابل عبّرت “هبة/ 22 عاماً” عن استيائها من تكاليف الأوراق الجامعية ومعاملة الموظفين/ات لهم كطلاب، وقالت: “المماطلة التي يمارسها كادر الموظفين في الجامعة لا تطاق،فأصغر المراجعات لشؤون الطلاب تحتاج إلى تفريغ نهار كامل تستهلكه ما بين المواصلات والانتظار الطويل في طوابير متعددة في سبيل الحصول على إجابة مختصرة وغير مفهومة من موظف/ة، عدا عن القرارات السنوية التي لا تصبُّ في مصلحة الطالب، بل في مصلحة القسم المالي من الجامعة، فنحن نسمع عبارة التعليم مجاني منذ صغرنا، ولكنه مجرد شعار يبرّد قلب مسؤولينا، فنحن نعمل في سبيل إيفاء الالتزامات المالية الجامعية”.
في ظل غياب الكهرباء ما بديل الطلاب؟
ويواجه الطلاب أيضاً صعوبات عديدة تتفاقم يومياً، حتى باتت لا تطاق بأي شكل من الأشكال، والتي تدفعهم لإكمال تحصيلهم العلمي والهروب إلى الخارج بعيداً عن المشكلات والقوانين التي تقيّدهم.سنوات طويلة والطلاب السوريون وأثناء دراستهم يبحثون عن بدائل أخرى غير الكهرباء، منها الشمع، وأضواء البطاريات، وشواحن الكهرباء، وحتى الإنارة الطرقية، ومنهم من يضطر للذهاب إلى المقاهي المناسبة نوعاً ما لوضع الطلاب.
تقول “نتالي”، وهي طالبة في كلية الصيدلة لمنصة “مجهر”: “أعيش في صحنايا، والكهرباء في المنطقة سيئة جداً، وبسبب دراستي والضغط اضطر دائماً إلى البحث عن أماكن للدراسة كالمكتبات، أو المقاهي، رغم تكلفة المواصلات أو المقاهي التي لم تعد رخيصة كثيراً، ما يسبّب عبئاً إضافياً، فالمقهى يحتوي على كهرباء، أستطيع فيه شحن الهاتف والكمبيوتر المحمول، بالإضافة إلى وجود إنترنت جيد وسريع لتحميل الملفات والبحث عبر المواقع”.
من جهة أخرى، تحاول “سما/ 23 عاماً”، وهي طالبة جامعية في كلية الإعلام، اللجوء أحياناً في أوقات انقطاع الكهرباء إلى الحديقة القريبة من منزلها في الصيف بغية الدراسة، لكن في الشتاء الأمر يختلف حيث لا تستطيع سوى الدراسة في مكان مغلق ودافئيحتوي على إنترنت جيّد، فهي لا تستطيع شراء المحاضرات بسبب ثمنها الباهظ فتلجأ إلى تحميلهم في صيغة pdf، للدراسة.
الواقع اليوم يزداد صعوبة على الطلاب، خصوصاً وأنّ فترة الامتحانات قد اقتربت، في ظل غياب شبه التام للكهرباءعن مناطق دمشق.