آراء وتحليلات

الزير سالم يُبعَث من جديد على يد “تيم حسن”

كاتيا الحسامي

منذ مدة أعلن الممثل السوري “تيم حسن” عن تصديه لتمثيل وإخراج فيلم جديد بعنوان “الزير سالم”، لينقل قصة “أبو ليلى المهلهل” وحرب “البسوس” الشهيرة التي دخلها العرب وقاتلوا بعضهم فيها أربعين عاماً كاملاً إلى السينما، ولتكون تجربته الإخراجية الأولى، في مخاطرة واضحة المعالم. فمن المعروف أن قصة “أبو ليلى المهلهل” قُدِّمَت من خلال مسلسل “الزير سالم” والذي أخرجه الراحل “حاتم علي” عام ٢٠٠٠ وجمع نخبة من نجوم الدراما السورية، محققاً نسبة مشاهدة مرتفعة جداً حتى اليوم، فما الذي أثار رغبة “تيم” بإعادة تجسيد هذه الشخصية؟

قصة أثيرة وتجربة سابقة

تعتبر قصة “الزير سالم” من أجمل القصص العربية في عصر الجاهلية، وربما هذا ما دفع “تيم” لتقديم القصة مرة ثانية، خصوصاً أنه لعب دور ابن “كُليب وائل” في المسلسل الأصلي، وكان هو اكتشاف المخرج الراحل “حاتم علي”، ما يعني أن الفنان قادر على استنباط حالة جديدة من العمل ككُل، سواء على صعيد التمثيل أو الإخراج، كونه كان موجوداً في العمل ويعرف كيف أُديرَت تفاصيله، وطبعاً بحكم أنها التجربة الإخراجية الأولى له، فلا بد أنها ستكون محفوفة بالمخاطر، لكن ذلك يعني مغامرة مختلفة للفنان “تيم حسن” قد تقوده فعلياً لدخول عالم الإخراج بشكل فعلي، ليصبح هو نفسه بطل أعماله أمام وخلف الكاميرا، على أن يكون الحُكمُ للجمهور وقت العرض، خصوصاً أن “الزير سالم” الجديد هو فيلم سينمائي وليس مسلسلاً طويلاً.

كما أن “تيم”، وحسب تصريح سابق له، قال إن المخرج “حاتم علي” كان يُحضّر للفيلم قبل رحيله، وأسند إليه شخصية “الزير سالم” بعدما كتب السيناريست “زياد عدوان” المسوّدة الأولى للسيناريو، غير أن رحيله فرضَ التوقف.

والفيلم الجديد الذي يجري الإعداد له من تأليف “بشار عباس”، وعالجه درامياً “ماهر منصور”، على أن يُصَوَّر بإمكانيات وتقنيات عالية، حسب الشركة المنتجة.

انتقادات مسبّقة

عملٌ مثل هذا لا بد أنه سيخضع للمحاكمة حتى قبل عرضه،ولعدة أسباب جوهرية، أولها أن العمل أثير بذاكرة الجمهور، وقدمه “حاتم علي” وقتها بإمكانيات رائعة فنياً وإخراجياً ولعبَ الجميع أدوارهم بحرفية عالية، لكن الجمهور بدأ يتساءل عن سبب إعادة تمثيل هذه الشخصية، رغم أن التاريخ العربي حافل بشخصيات غنية يمكن تقديم مسيرتها وقصة حياتها بشكل مهم، ولم يتم الحديث عنها سابقاً في عمل درامي سواء بفيلم أم مسلسل، كما أن قصة “أبو ليلى المهلهِل” تحضّ على الثأر والأخذ به، في الوقت الذي لا يحتاج فيه الوطن العربي بالأصل لتأجيج هذه الفكرة وإعادة توجيه الأنظار لإراقة الدماء في بلدان غارقة أصلاً بالدماء، وطبعاً بحكم أن “تيم حسن” نفسه سيلعب شخصية “الزير سالم”، فلا بد أن تقارنه الناس فوراً بالفنان القدير “سلوم حداد” الذي قدم هذه الشخصية بأداء رائع لا يمكن نسيانه ومازال حتى اليوم مؤثراً بالناس، متسائلين إن كان “تيم” بأدواته التمثيلية وهيئته الناعمة قادر على صنع حالة شبيهة بحالة “سلوم حداد” الذي يُنادى حتى اليوم بـ”الزير”.

كما بدأ الجمهور يتساءل عن النجوم الذين سيلعبون الشخصيات الأساسية في القصة، سيما أن أبطال المسلسل كانوا “خالد تاجا، سمر سامي، رفيق علي أحمد، زهير عبد الكريم، نجاح العبد الله” وغيرهم، الأمر الذي جعل الكثيرين يستفسرون عن حضور بعض هؤلاء النجوم في الحكاية السينمائية الجديدة.

سلوم حداد موافق

لا بد أن تتجه الأنظار لـ”سلوم حداد” بالتحديد بعد هذا الإعلان؛ كونه هو من أدى شخصية “الزير سالم”، ليعرف الناس رأيه المسبق في هذا الفيلم، لكن الفنان القدير “سلوم حداد” وضّحَ في لقاء مصور أنه لا يمانع بتاتاً من هذه الخطوة، وعبّرَ عن حبه وإعجابه بالفنان “تيم حسن” على الصعيد الفني والإنساني، ما يعني أن الموافقة على الموضوع موجودة من قبل بطل الحكاية الأصلي، وبالعموم فإن شخصية “الزير سالم” لم تُقَدَّم في سوريا فقط، بل لعب هذه الشخصية مجموعة واسعة من الفنانين العرب، سواء على صعيد المسرح أم السينما أم التلفزيون، لكن لا يمكن نكران أن “سلوم حداد” هو من استطاع إبرازها بهذه الطريقة المهمة العظيمة والتي حازت على حب الجمهور حتى اليوم منذ أكثر من خمس عشرة سنة، لدرجة أن كثيرين رغم كل هذه المعطيات يراهنون على فشل العمل؛ لأن الحكاية لن ترقى لمستوى العمل الذي قدمه “حاتم علي” و”سلوم حداد” وباقي النجوم السوريين.

يبقى تقييم الحكاية رهن الانتظار،وبما سيُعرَض للناس على الشاشة الذهبية، ووقتها يمكن الحكم على “تيم حسن” كممثل ومخرج، لكن هل سيستطيع أن ينفدَ بجلده من المقارنات التي ستضعه في موقف صعب مع عمل ما زال مؤثراً في الجمهور إلى يومنا هذا؟

زر الذهاب إلى الأعلى