التمريض في مناطق الحكومة.. تسرّب واستقالات والحكومة ترفع ضريبة عدم الالتحاق لـ/7/ ملايين ليرة
تصف الممرضة “رشا محمد/ 28 عاماً” حال القطاع الصحي والمستشفيات في دمشق بالـ”تعيسة جداً” خلال السنوات الأخيرة من عمر الأزمة السورية، بسبب نقص كوادر التمريض، ما أسفر، وفقاً للمرضة، “إلى استقالات بالجملة”.
غرامة تحتاج سنوات من العمل
ازدادت مؤخراً نسبة التسرب والاستقالات بقطاع التمريض في مختلف المشافي الحكومية في مناطق سيطرة الحكومة السورية، نتيجة تأثر المقدّمين على الاستقالةبالظروف والأوضاع الاقتصادية وعدم تحسين واقعهم المادي والمعيشي، مقارنة مع القطاع الخاص.
ونتيجة حالات التسرب والاستقالات؛رفعت الحكومة السورية غرامة عدم التحاق الممرضة بعملها إلى /7/ ملايين ليرة سورية.
في المقابل طلبت رئاسة الحكومة إحصائية كاملة عن أعداد الممرضات في المشافي الجامعية، والذي يقدر عددهن بـ/4500/ ممرضة.
ويقول العاملون في مجال التمريض، إن التعويضات التي يتلقونها لا تناسب واقع العمل، في ظل عمل نسبة كبيرة من الممرضات خارج المحافظة الأم، ما يرتب أعباء إضافية على الممرضة، فيظل واقع التكاليف الكبيرة.
وأفرزت الأزمة واقعاً دفعت عن تمنّع العديد من الممرضات الالتحاق بأعمالهن بعد فرزهن وتعيينهن في محافظات مختلفة.بالتوازي مع ذلك، أصدرت الحكومة تعليمات تخص الممرضة الخرّيجة، تنص على أنه في حال عدم التحاقها بالمشفى المُفرز إليه تعد “ناكلة عن الوفاء بالتزاماتها، ويتم مطالبتها ووليّها بضعف النفقات المصروفة عليها، ويتم ملاحقتها قضائياً، ولاسيما أنه تم رفع مبلغ عدم الالتحاق بالعمل إلى /7/ ملايين ليرة”، مثلما تم التأكيد عليه.
تقول “رشا”، (اسم مستعار)،وهي تعمل في قطاع التمريض: “بالنسبه للراتب؛ فهو جداً قليل مقارنة بالتعب والجهد المبذول، وهو، أي الراتب،يمكن أن يصل إلى /200/ ألف ليرة سورية لا أكثر، أي ما يقارب من /13/ دولاراً، بالمقابل تبلغ غرامة عدم الالتحاق /7/ ملايين ليرة سورية”.
وتضيف “رشا”: “هذا إن لم يرفع المشفى الذي يعمل ضمنه الممرض/ الممرضة اسمه/ا ضمن جداول المتغيبين/ات في حال لم تكمل سنوات الخدمة المشروطة في المستشفى، فالراتب لا يكفينا أول أسبوع من الشهر،ويلزمنا عام أو عامين اثنين لتأمين دفع الغرامة”.
وحول من لا يملك هذا المبلغ، أوضحت “رشا”: “للأسف يضطر الشاب أو الفتاة للبقاء خارج البلد حتى يؤمّن المال الواجب دفعه، أو إذا أراد العودة فلن يستطع الحصول على تأشيرة مجدداً لأنه موظف”.وحول انتهاء حالة الاستيداع، قالت “أما إذا انتهى الاستيداع وعاد إلى البلد ولم يرد السفر مجدداً؛ فهو يستطيع العودة إلى عمله بشكل طبيعي، والغرامة فهي للمخالفين فقط، أي من انتهى استيداعه ولم يجدده”.
وأردفت “رشا” قائلة: “الممرضة التي أكملت /6/ سنوات عمل في المشفى، تستطيع الحصول على إجازة بلا راتب لمده سنة أو /5/ سنوات وتسافر، أما الممرضة التي لم تنهِ سنواتها الـ/6/ وبقي لديها /3/ سنوات إجبارية؛ فإنها تستطيع دفع بدل الـ/3/ سنوات وتأخذ الاستيداع، أي إجازة بلا راتب”.
وعن الأسباب أوضحت: “الأسبابمتعددة، فهناك مدارس تمريض تابعه لوزارة الصحة (بعد التخرّج يحصل الممرض/ة على وظائف في المشافي التابعة للوزارة)، أيضاً هناك مدارس تابعه لوزارة التعليم العالي تلتزم بتوظيف الخرّيجين في المشافي التابعة لها، وبكلتا الحالتين الممرض ملزم بالدوام ضعف مدة الدراسة بمدرسة التمريض أي /6/ سنوات، وإن قرر عدم الالتزام؛ فيجب أن يدفع بدل لكي يحصل على شهادة التمريض”.
وأضافت: “الذي يدرس بمدارس التمريض لا يحصل على الشهادة وعلى الترخيص الدائم إلا بعد إتمام المدة المطلوبة وهي /6/أعوام، وبهذه المدة يحصل على ترخيص مؤقت فقط، أما الطالب فيدفع البدل ويحصل على الشهادة والترخيص الدائم”.
الممرض ما بين التعويضات الفقيرة والسفر
من جهتها تقول الممرضة “سلام محمد/ 35 عاماً”: “نظرة المجتمع للتمريض لم تتغير منذ سنوات عديدة، حيث لا تزال فكرة أنّ الدكتور أهم من الممرض هي السائدة، ولكن في الحقيقة الممرض المحترف والمتمكن لا تقل أهميته عن الطبيب؛ لأن الطبيب غالباً ما يكشف على المريض فقط، بينما الممرض معه كل ساعة وكل دقيقة، وللأسف يُنظر للممرض بشكل سلبي وخاصة الممرضات اللواتي يناوبن ليلاً، فهن يتعرضن للأقاويل بكثرة”.
معاناة كبيرة تتعرض لها الممرضات أمام حجم العمل المضاعَف الذي تبذلنه، لجهة عدم تناسب التعويضات مع الجهود المبذولة، وإهمال حقوق الممرضين، ما دفع الكوادر التمريضية إلى الهجرة وتقديم الكثير منهم استقالاتهم، بالمقابل تم تشكيل لجنة من أجل زيادة تعويضات الممرضين عام 2022، وحتى الآن لم تصدر نتائجها ولم تقرّ أي شيء.
تتحدث “سلام” لمنصة “مجهر” بالقول: “التعويضات حسب مكان عملك، فممرضو العناية المشددة، والعمليات، والأشعة، معرضين لخطر إصابات العمل لهم تعويض طبيعة عمل، أما الباقي فإنهم يفتقدون هذه الميزة، ولهذا السبب الكثير من الممرضين والممرضات يقدمون استقالتهم ويعملون في مجال القطاع الخاص الذي يعتبر مردوده أكبر بكثير، إضافة إلى أن عدم التقدير والاحترام لمهنة التمريض في سوريا يدفع الشباب للسفر، لكي يؤمنوا فرص عمل في المشافي أو المراكز الطبية، بهدف تحسين معيشتهم”.
الحلول في درج المسؤولين
من جهته يقول”بسام عيسى”،”اسم مستعار”، وهو ممرض يعمل في مشفى “المجتهد/ دمشق”بمدينة دمشق: “نقابة التمريض موجودة بالاسم فقط، فعلى الرغم من وجود مجلس مؤقت منذ عام 2016، إلا أن النقابة غير مفعّلة، فلم يقرّ نظامها الداخلي والمالي،ولم يتم انتخاب نقيب للتمريض، ولم ينشأ صندوق تقاعد الممرضين”.
حتى الآن لا حلول واقعية للممرضين/ات في سورية، فالمشافي أصبحت هرمة،وجميع الممرضين الذين يعملون بها هم من ذوي الأعمار الكبيرة، أما الفئات الشابة فاستقطابها قليل جداً، نتيجة قلة مسابقات العمل وشواغر التوظيف وغياب القوانين الناظمة لهذا القطاع.