آراء وتحليلات

كريستال.. مسلسل من زجاج!

كاتيا الحسامي

حضر مسلسل “كريستال” مؤخراً، ضمن سلسلة الأعمال المعرَّبة التي تُصنَع في الفترة الأخيرة بشكل منسوخ وملصوق من الدراما التركية. و”كريستال” هو أحد هذه الأعمال المأخوذة عن مسلسل “حرب الورود” الشهير، ليمتدَّ العمل على مدار تسعين حلقة لعب بطولتها “محمود نصر، باميلا الكيك، ستيفاني عطا الله، بلال مارتيني، هيما إسماعيل”، ومجموعة كبيرة من الفنانين السوريين واللبنانيين، فكيف بدت الحكاية؟ وكيف كان أداء الفنانين في العمل، وهل رضي الجمهور عن النهاية بعد الانتشار الجماهيري للمسلسل بهذا الشكل؟

الأداء..!!

ربما أكثر ما لفت النظر في العمل، رغم وجود الأبطال الأساسيين هو الفنان الشاب “خالد شباط”، الذي حقق نقلة نوعية من خلال شخصية “باسل” المصاب بمرض نفسي، وقد عرف الجمهور “خالد” بشكل أكبر من خلال هذا المسلسل رغم مشاركته السابقة بأدوار مهمة في أعمال سورية، فأصبح بعد هذا العمل نجماً بمعايير انتشار مختلفة. أما “باميلا الكيك”؛ فقد أدَّت دورها بشكل جيد، وحافظت على شكل متوازن للشخصية التي تلعبها، لتلفت الأنظار بشكل واضح. ورغم أن الشخصية معتمدة على الشكل؛ إلا أن “باميلا” لعبت على مضمونها بطريقة توضّح أهمية هذه الممثلة، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الشخصيات بأغلبها رغم أداء بعضها الجيد، ظهرت بشكل بلاستيكي منسوخ من النسخة التركية، فبدت الشخصيات ككل هذه الأعمال بطريقة خالية من أي روح، لدرجة أنه حتى الفنان “محمود نصر” بطل القصة بدا بدون ملامح أداء مهمة، وهو يعلم ذلك تماماً خصوصاً أن لهجة التهكم كانت واضحة عليه أثناء نشره منشورات عن المسلسل وقت العرض على صفحاته الرسمية في وسائل التواصل، لا سيما أن الدكتور “جواد” أي “محمود نصر” لم يظهر وهو ذاهب لعيادته أو مهتم بمرضاه بقدر ما ظهر مهتماً بقصة الحب الواقع فيها بين امرأتين، فبات يتساءل الناس “أين حياة الدكتور من كل هذا؟

القصة..

يعرف الجميع أن قصص الأعمال المعرَّبة هذه هي بالعموم منسوخة تماماً من أعمال تركية سابقة، حتى بالمشاهد، ومساحة الارتجال من الفنان فيه ضعيفة، لأنه يجب أن يكون على “المسطرة” ويقلّد لا يؤدي دوراً جديداً، لذا فإن فكرة هذه الأعمال بالأساس لا تخلو من الغباء، فما الذي يجعل من الناس يشاهدون ما شاهدوه سابقاً مع نجومه الأصليين؟

وقد حاول بعض الكتاب العرب تغيير النهايات أو ملامح بعض الخطوط الدرامية كما حدث في مسلسل “الثمن”، لكن ذلك باء بالفشل، وبالعموم لم ينجح أي مسلسل حتى اليوم من هذا الصنف على صعيد القصة، بل نجح انتشاراً وبأداء البعض، و”كريستال” هو واحد من هذه الأعمال التي لم تحقق سوى الانتشار فقط، ورغم أن هذا جيد بالعموم للنجوم العاملين في العمل، لكن النهاية أصابت الجمهور باليأس والإحباط بعد أن توقعوا تغييرها عن النسخة الأصلية “حرب الورود”، لكنها جاءت مشابهة تماماً، لذا اعتبر المتابعون أنهم خُذِلوا بعد انتظار تسعين حلقة لنهاية ترضيهم، حتى أن الفنانة الإماراتية “أحلام”عبرت على حسابها في منصة “إكس”عن مدى امتعاضها من خاتمة العمل، لكنها تشكرت “باميلا الكيك” فقط على أدائها المميز.

عوامل الانتشار

لا شك أن العمل حقق متابعات عالية جداً، وهذا حَدَثَ ويحدث في كل مسلسل معرّب إجمالاً، ويعود ذلك لأسباب عدة أبرزها الضخ الإعلامي الهائل له، ولأنه يتمحور حول”التسلية” لا أكثر، وهو ما يحتاجه المشاهدون العرب في الوضع الحالي، بالإضافة لكمية الأزياء والمكياج والجمال والبيوت المستخدمة في هذه القصص، ما يجعل المشاهد ينتظر كل حلقة ماذا سيشاهد مجدداً من كل هذا، عدا عن حضور نجوم كبار لأداء شخصيات المسلسل. كما أن الأعمال الأخرى ضعيفة التسويق مقارنةً بمنصة “شاهد” وقناة “mbc” ولا تعرف كيف تعرض أعمالها كي تصل للجمهور، فلا يمكن إنكار أن القناة والمنصة هما الأكبر حالياً واللذَين ابتلعا السوق الأخرى، وربما هذا طبيعي لأن شبكة “mbc” هي شبكة عربية كبرى مؤسَّسَةٌ منذ سنوات طويلة، في حين تعتبر المنصات الأخرى جديدة الظهور عموماً ومازالت تحاول الوصول لشرائح أكبر قدر الإمكان.

وكيلا نكون سوداويين كثيراً، فلا بد أن نذكر أن فوائد هذه الأعمال تعود على الممثلين السوريين الشباب الذين استقطبتهم هذه الدراما ووسَّعت من انتشارهم، مثل “خالد شباط، لين غرة، بلال مارتيني”، وغيرهم، كما أعادت للواجهة فنانين سوريين اختفوا منذ مدة عن الساحة أمثال “صباح بركات، إياد أبو الشامات، وهيما إسماعيل”.

على العموم؛ فإن “كريستال” هو مسلسل هشٌّ شبيه بزجاج قابل للتحطّم عند أول محطة أخرى، وسيبقى في مهب النسيان بمجرد انتهاء عرضه، كالأعمال التي سبقته والتي قد تليه من هذا النوع. فهذه المسلسلات لا تترك أثراً في خَلَد الناس وأفئدتهم، بل مجرد عابرة شاشة، تماماً كعابرات السرير.

زر الذهاب إلى الأعلى