دمشق.. أزمة المحروقات تتفاقم والسكان يلجؤون إلى “البدائل”
حسنا بيطار
أوقفت “ماريا”، (اسم مستعار)، وهي من سكان “مزة 86” في دمشق، استخدام الغاز منذ قرابة الشهرين، بعدما فرغت أسطوانة الغاز لديها في منزلها.
وتقول “ماريا” إنها لا تستطع تبديل أسطوانة بسبب غلاء سعرها، حيث وصل سعرها في السوق السوداءلأكثر من /400/ألف ليرة سورية.
وتلجأ المرأة الثلاثينية لاستخدام “البابور” والذي يعمل على مادة الكاز، كبديل للغاز، وتقول إنها تحتاج إلى مالا يقل عن /6/ ليترات من الكاز أسبوعياً.
وأضافت: “أنا أستخدمه في عملية طهي الطعام، وتسخين المياه من أجل استحمام أطفالي عند الضرورة، حتى بائعي الكاز أصبحوا يتحكمون بأسعاره ولا يوجد سعر موحد، فكل بائع يحدد التسعيرة بما يناسبه، حيث يبدأ سعر الليتر الواحد بأكثر من /15/ ألف ليرة سورية”.
وتابعت القول: “الوضع المعيشي يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، فأزمة المحروقات أثرت على جميع مفاصل الحياة، من خبز وماء ومواد غذاء وشراب وحتى الألبسة، ولا أحد من الجهات المسؤولةيستمع أو يرى معاناتنا”.
ارتفاع أسعار المحروقات وتداعياته
وتشهد مناطق الحكومة السورية أزمات متلاحقة جراء نقص وفقدان وغلاء مختلف المشتقات النفطية، مع استمرار مشهد طوابير المواطنين للحصول على مخصصاتهم، سواء من البنزين أو الغاز وغيره، في حين تعاني الحكومةمن مصاعب جدية وكثيرة لتوفير الكهرباء التي لا تصل تغذيتها إلا لساعة أو اثنتين يومياً، رغم إطلاق الحكومة وعوداً سابقة بتحسين الخدمات.
وترتبط أسباب هذا “الشلل” بشكل أساسي بأزمة المحروقات، خاصة عقبإعلان الحكومة السورية تقليص الكميات المخصصة للمحافظات والمؤسسات الرسمية في البلاد بسبب “ضعف التوريدات”، ما أدى إلى تفاقم في أزمة المواصلات العامة، حيث يتوقف سائقوالحافلات والسيارات لساعات أمام محطات الوقود، أملاً بالحصول على المحروقات، فمخصصات السيارات العمومية لاتكفي، مما يضطر معه السائقون على شراء الوقود بالسعر الحر غير المدعوم، وبذلك ترتفع أجرة النقل ليكون المواطن هو الخاسر الأكبر.
تقول “منى”، (اسم مستعار)، من سكان حي “ضاحية الأسد” وتعمل في منطقة “المزة”: “أعاني يومياً من اختلاف في أسعار المواصلات، مابين التكاسي وباصات النقل العام، وبات مرتبي الشهري لا يكفي أجار مواصلات، فتكسي الركاب يطلب /15/ ألف ليرة سورية على الشخص الواحد، والمكرو يطلب /3000/ ليرة سورية، وأنا أحتاج إلى مكرو واثنين في تنقلاتي، وأحياناً أضطر إلى استخدام تكسي الركاب إن لم أجد مواصلات، أجرة النقل ترتفع يومياً، حتى أنها تختلف بين النهار والليل، وعند الشكوى يقول السائق هناك أزمة فماذا نفعل، البنزين غالٍ هذا إن استطعنا الحصول عليه، وتلك باتت نغمة نسمعها كل يوم”.
وبحسب الحكومة السورية؛فإن التخفيض “يأتي في إطار الاستجابة للظروف التي يشهدها سوق المشتقات النفطية، بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلد”، وفق تعبير رئيس الحكومة السورية.
اللجوء إلى البدائل
يقول”علي”،مفضّلاً عدم كشف اسم كنيته، وهو يعمل سائق تكسي: “من المفترض أن تصل لصاحب كل سيارة /3/ رسائل في الشهر الواحد للحصول على البنزين، وبمعدل /25/ ليتراً في كل تعبئة (سعر الليتر /8/ آلاف ليرة سوريّة)، ويصل سعر الـ/25/ ليتراً بعد الزيادة الأخيرة إلى /200/ ألف ليرة سورية، أي أن كلفة الرسائل الثلاثة /600/ ألف ليرة سورية، لكن لا يوجد انتظام في تسليم الرسائل أو المستحقات”.
يضيف “علي” لمنصة “مجهر”: “أنفق على بنزين البطاقة الذكية /400/ ألف ليرة سورية، وكذلك أضطر لتعبئتين إضافيتين أو ثلاثة على الأقل، إمّا من السوق السوداء أو من محطات (أوكتان 95)، وبهذا أضع أضعاف ما أعمل به، أي يتوجب عليَّ التعبئة بما يقارب مليون ونصف فقط دون تلبية احتياجات منزلي”.
بعض الموظفين القاطنين في حي واحد والذين يملكون سيارات؛ يتناوبون على توصيل بعضهم البعض يومياً من وإلى العمل، خاصةً الذين يعملون في أماكن متقاربة، أو من وإلى أقرب نقطة لمكان العمل، وبهذه الطريقة تزيد نسبة التوفير كلما زاد عدد المتشاركين.
كذلك، يحاول البعض أن يمشي للوصول إلى مكان عمله؛نظراً لقلة المواصلات وأجرتها المرتفعة.
يقول “جعفر”، (اسم مستعار)، من سكان حي “المزة”: “أحاول الخروج باكراً للوصول إلى عملي، فلا أستطيع تحمّل تكلفة المواصلات، حيث يبعد منزلي عن عملي قرابة الساعة مشياً على الأقدام، وبذلك أوفر القليل من المصروف، الأمر متعب، لكنني اعتدت على ذلك”.
كذلك، يقول “ناصر”، (اسم مستعار)، من سكان حي “قدسيا”: “بعت سيارتي واشتريت عوضاً عنها دراجة نارية للذهاب إلى الأماكن القريبة نوعاً ما، فالدراجة لا تستهلك شيئاً يذكر أمام السيارة، وقد لا أحتاج لتعبئتها أكثر من /20/ ليتراً في الشهر أحياناً، وأقضي باقي أعمالي مشياً أو عن طريق استخدام المواصلات العامة رغم صعوبتها وقلتها، فأنا أحاول الاعتماد على البديل الأقل تكلفة”.
خبير اقتصادي: الحكومة السورية تعتمد بنسبة 90% على الواردات
وعن تفاقم الأزمة؛ قال الخبير الاقتصادي “كرم شعار” لمنصة “مجهر”: “الحكومة تلقي اللوم على العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وتُرجِعُ سبب التدهور المستمر في الاقتصاد وعدم قدرتها على استيراد حاجة البلاد من المحروقات إلى العقوبات، خصوصاً مع خروج أبرز حقول النفط عن سيطرتها، حتى باتت تعتمد بنسبة 90 % على الواردات”.
ويضيف شعار: “من أسباب تفاقم أزمة الوقود؛ هو خروج المناطق النفطية من سيطرة الحكومة، والفساد داخل المؤسسات واحتكار المحروقات لرفع أسعارها، إضافة إلى عجز مصفاتي النفط في حمص وبانياس عن التكرير والإنتاج”.