“حتى البصل بالدولار”مطالب بحل جذري لرواتب الإدارة الذاتية وباحث اقتصادي يصف الوضع بـ “المجاعة”
شيرين تمو
تعجز جاهدة محمد عن تأمين حليب لطفلتها ذات التسعة أشهر على مدار الشهر،لأن راتبها يسد احتياجات الطفلة من الحليب 15 يوماً في الشهر.
“جاهدة محمد” هي موظفة لدى أحد مؤسسات الإدارة الذاتية في منطقة كوباني، وهي أم لثلاثة أطفال بينهم رضيعة، وتضطر لتحمل مصاريف المنزل، بعد توقف عمل زوجها في النجارة كغالبية المهن في مدينة كوباني شمال شرق سوريا.
راتبها المقدر قيمته /500/ ألف ليرة سورية،أي بما يعادل 35 دولاراً أمريكياً، يمكّنها من شراء حليب لطفلتها الرضيعة أسبوعين في الشهر،وتضطر لاستدانة مبالغ مالية لسدّ احتياجات العائلة كامل الشهر وفقا لما قالته.
تقول”جاهدة” لمنصة مجهر الإعلامية أنها باعت كل مصاغها لدفع آجار المنزل خلال السنوات الأخيرة، “لأن رواتب الإدارة الذاتية لا تكفي للأكل والشرب فقط”، على حد تعبيرها”، قبل أن تتمكن مؤخراً خلال هذا العام من تأمين منزل يعود لأهل زوجها، وتخلصت من دفع الآجارات التي تثقل كاهل الموظف، فيما اضطر زوجها للسفر خارج المدينة ليتساعدا في تحمل مصاريف العائلة.
حال”جاهدة” هو حال جميع موظفي وعاملي الإدارة الذاتية الذين لا يملكون دخل إضافياً لإعالة أسرهم، فكلما أقرت الإدارة الذاتية رفع رواتب موظفيها لما يعادل ٨٠ دولاراً ، يرتفع سعر الصرف، ليهبط الراتب إلى أقل من ٤٠ دولاراً أمريكياً حسب سعر المشتريات في الأسواق، فجميع عمليات البيع بالدولار،”حتى البصل بالدولار” قالتها جاهدة في ختام حديثها لمراسلة مجهر .
فمنذ سنوات تتحدث التقارير الإعلامية بمطالب موظفي وعاملي الإدارة الذاتية مدعومة بآراء مختصين اقتصاديين وتقدير الرواتب بما لا يقل عن ٢٠٠ دولاراً أمريكياً، إلا أن الإدارة الذاتية ما زالت ترفع الرواتب بزيادة قطعية لا تحل المشكلة بشكل جذري استجابة لمطالب موظفيها.
وزادت الإدارة الذاتية خلال العام الجاري رواتب موظفيها ثلاث مرات.
والمرات الثلاثة لم يصل سقف الرواتب لـ 100 دولار أمريكي، فقد شهد سعر صرف الدولار خلال الشهرين الجاريين ضعفين، حيث ارتفع من 8000 ليرة للدولار الواحد إلى 16 ألفاً،وتضاعفت معه جميع أسعار السلع والمشتريات،ما تسبب بمأزق مالي لموظفي الإدارة الذاتية.
وتتناقل بعض المصادر والصفحات هذه الأيام عن زيادة الإدارة الذاتية لرواتب موظفيها بنسبة 100% اعتباراً من هذا الشهر، وهذا ما نفته فائزة عبدي الرئاسة المشتركة للمجلس التشريعي في “إقليم الفرات” لمراسلة مجهر الإعلامية.
وأكدت المسؤولة أنه تم تشكيل لجنة لدراسة ومناقشة وضع رواتب الموظفين والعاملين،وليس هناك قرار رسمي بالزيادة.
وعن القرارات الأخيرة التي تمخضت عن المجلس العام لشمال شرق سوريا التي تخص مادتي الخبز والمحروقات، أشارت”عبدي” أن مهلة تنفيذ الزيادة شهر، وبعدها ستدخل حيّز التنفيذ بناء على دراسة نقوم بإعدادها لتقدير حاجة المدينة من المادتين، وإيجاد حل لمخصصات يوم الجمعة من مادة الخبز،وإعداد قوائم بمخصصات الوافدين الجدد.
وقال الدكتور “مسلم طالاس”باحث في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة(IDOS )لمنصة مجهر الإعلامية:”هبوط الليرة السورية يمارس أثراً ضاراً على ذوي الدخل الثابت،حسب قيمة المشتريات التي تُقدر بالدولار الأمريكي،والرواتب رغم الزيادة لا تغطي إلا معيشة بضعة أيام لأسرة متوسطة،فذلك يدفع فئة كبيرة من الناس للمجاعة”.
وشبّه الدكتور الوضع المعيشي في سوريا عامة بـ “نسخة عصرية عن العبودية” وقال :”أيام العبودية كان السيد يتكفل بمعيشة العبد كامل الشهر،ففي العبودية السورية يدفع له معيشة أسبوع،وعليه أن يعيل نفسه بنفسه،وهو ما يعني دفعاً للجريمة أو الفساد أو السرقة أوالانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري الناتج عن الفقر والجوع”.
وأشار المختص أن الحلول تكمن في ربط الأجور بالدولار،أو ربطها بسلة من أسعار المواد بحيث ترتفع معها بشكل اوتوماتيكي،وأن أفضلها الربط بالدولار بما يكفي معيشة أسرة متوسطة.