لم تعرض على مكونات مسد.. تحفظات وملاحظات على وثيقة التوافق بين “مسد” وهيئة التنسيق
أصدر حزبا “اليساري الكردي” و”البارتي”، مساء أمس الثلاثاء، بياناً مشتركاً، أبدوا خلالها تحفظات وبعض الملاحظات والنواقص في وثيقة التوافق بين مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي.
وقال نصر الدين إبراهيم، سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، أحد أحزاب “مسد”، لمنصة مجهر، “بدايةً لا بدّ من التأكيد على أن العمل في مجلس سوريا الديمقراطية هو عمل مؤسساتي بالنظر إلى أن المجلس يتكون من العديد من القوى السياسية والاجتماعية”.
مضيفاً: “وباعتبار أن وثيقة التوافق هذه بين مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية، وما قد يترتب على ذلك من بناء جبهة ديمقراطية عريضة بانضمام أطراف أخرى من المعارضة الوطنية الديمقراطية هو عمل سياسي مهم، كان يجب أن تعرض مسودة الميثاق على القوى السياسية والاجتماعية المنضوية في إطار المجلس و الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا الديمقراطية… كي لا تبقى هذه الوثيقة ممثلة لقناعات طرف بعينه فقط دون بقية مكونات مجلس سوريا الديمقراطية”.
وأشار سكرتير “البارتي” إلى أن عدم عرض الوثيقة الموقعة بين مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية على مكونات “مسد” و الهيئة الرئاسية لمسد “فربما كان سوء تقدير وفهم خاطئ لقراءتهم”، على حد وصفه.
ويتفق الحزبان مع محتوى الوثيقة من حيث خطها العام من أجل التأسيس لجبهة وطنية معارضة عريضة إلى الانتقال من حالة الدولة الاستبدادية إلى حالة الدولة الديمقراطية، والمساواة بين المكونات السورية وحماية وحدة البلاد ورفض التدخل الخارجي، بحسب قراءة الحزبين للوثيقة.
فيما أكد الحزبان على ملاحظات ونواقص جدية تضعف هذا التوافق، حسب قراءتهم وتلحق الغبن بالمكونات السورية وبالوطن السوري وسيادة سوريا، وكان لابد من إيرادها في الوثيقة، ومن هذه الملاحظات:
1- من المفيد التأكيد الوارد في الوثيقة على المساواة بين المكونات السورية، ولكن ما يؤخذ على الوثيقة هو عدم ذكر المكونات الأساسية، وعدم التأكيد على ضرورة تمتعها بحقوقها القومية والديمقراطية في الدستور القادم للبلاد لأن من شأن هذا التأكيد أن يؤدي إلى خلق الثقة والطمأنينة لدى كافة المكونات السورية على مستقبلها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مسألة عدم الاعتراف بوجود المكونات السورية وحقوقها دستورياً هو أحد أسباب الأزمة السورية بالإضافة إلى أنها تشكل جوهر سياسة الإدارة الذاتية ووثائقها، وأيضاً من أهداف كافة الأحزاب والقوى السياسية المنضوية في إطار مجلس سوريا الديمقراطية بمختلف انتماءاتها القومية، ولأن تثبيت هذه المسألة في وثيقة التوافق الآن سيساعد نضال الطرفين مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية في العمل المستقبلي من أجل بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية، وإننا إذ نؤكد على قناعتنا هذه فإننا نعيد إلى الأذهان بأننا كنا من مؤسسي هيئة التنسيق الوطنية، وأن الهيئة لم تمانع في الاعتراف بوجود المكون الكردي، وأن وثائقها تؤكد على ضرورة حل القضية الكردية في سوريا بشكل ديمقراطي حيث ورد في الوثيقة الاساسية لهيئة التنسيق الوطنية في حينها وبالحرف /الاقرار الدستوري بوجود الشعب الكردي وحل قضيته حلا ديمقراطيا عادلا في اطارها الوطني العام وعلى قاعدة وحدة البلاد ارضا وشعبا.
2- وردت في الوثيقة عبارة: ((ويرفض كافة المشاريع والمحاولات التقسيمية والانفصالية التي تهدد وحدة سوريا أرضاً وشعباً)). ونحن من جهتنا أيضاً نرفض مثل هذا التوجه جملة وتفصيلاً إن وجد، ولكننا نرى بأنه لم تكن هناك حاجة أو ضرورة لهذه العبارة لسببين هما:
أ- ليست هناك في سوريا مشاريع تقسيمية بالأساس، كل القوى السياسية السورية وعلى الأخص القوى والأحزاب السياسية الكردية لا تطرح أي تقسيم لسوريا، بل لا يوجد تنظيم سياسي كردي واحد يطرح مثل هذا الأمر، بالعكس من ذلك هي تحارب تقسيم سوريا وتطالب بالحقوق القومية والديمقراطية للشعب الكردي في إطار الدولة السورية الواحدة، وفي إطار حماية الحدود الدولية لسوريا والدفاع عنها.
ب- إن هذه العبارة تخلق حساسية شديدة لدى المكون الكردي لأنه متهم منذ عقود طويلة من قبل القوميين والشوفينيين العرب بأن الكرد يحاولون الانفصال وتقسيم سوريا، خاصة أن هذه المسألة شكلت وتشكل حتى الآن جوهر دعاية الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في سوريا وحتى النظام الدكتاتوري الحالي الذي يغذي هذه التوجهات المعادية لنضال الشعب الكردي في سوريا من أجل التمتع بحقوقه القومية والديمقراطية، وتؤثر هذه الدعاية الشوفينية على أفكار وتوجهات العديد من السوريين بما في ذلك العديد من القوى والأحزاب السياسية المعارضة، وهي أيضاً جزء رئيسي من دعايات كل من تركيا وإيران، وحتى روسيا انجرت إلى هذا الموقف من خلال تصريحات وزير خارجيتها، وكان ذلك واضحاً أيضاً في البيان الختامي للاجتماع رقم /20/ لمحور أستانا.
إن هذه المسألة تثير الكرد السوريين، وهذا الاتهام لهم هو بمثابة سيف ديموقليس لأن مطالبتهم بحقوقهم القومية والديمقراطية ورفضهم للاضطهاد القومي الواقع عليهم يعني بالنسبة للجهات المذكورة وكأن الكرد يطالبون بالانفصال، ومن جهة أخرى فإن هذه العبارة تثير المكونات الأخرى وبخاصة المكون العربي وتضعف ثقته بالمكون الكردي الذي – وبحسب الدعايات المضللة – يظهر وكأنه مكون انفصالي.
للسببين المذكورين كان الأصح أن يتم التأكيد في الوثيقة على أهمية العمل من أجل وحدة سوريا أرضاً وشعباً مع التأكيد على الدفاع عن الحدود الدولية لسوريا.
3- إن تحرير الأراضي السورية المحتلة من قبل النظام التركي ومرتزقته، وبخاصة مناطق عفرين، سريكانيه، كري سبي، جرابلس، الباب، إعزاز وغيرها من الأراضي السورية ومحاربة سياسة التغيير الديموغرافي واجب وطني على كل السوريين وكان من الواجب إضافته إلى هذه الوثيقة.
4- تزامناً مع المطالبة بالحل السياسي للأزمة السورية كان من الضروري التركيز على الحوار السوري – السوري الذي طالما تعمل من أجله الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وتثبيته في الوثيقة باعتباره المخرج الرئيسي للأزمة السورية.
5- إن اتفاقيات أضنة الأمنية المبرمة بين النظام السوري والدولة التركية تشكل خطراً على وحدة الأراضي السورية وخرق سيادتها باعتبار أنها تسمح لتركيا القيام بعمليات عسكرية على الأراضي السورية، وتعطي لها المبرر أيضاً باحتلال الأراضي السورية، وكان من الضروري تثبيتها في الوثيقة خاصة وأن الطرفين موافقان على هذه النقطة.
6- إن العمل في مجلس سوريا الديمقراطية هو عمل مؤسساتي بالنظر إلى أن المجلس يتكون من العديد من القوى السياسية والاجتماعية، وباعتبار أن وثيقة التوافق هذه بين مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية، وما قد يترتب على ذلك من بناء جبهة ديمقراطية عريضة بانضمام أطراف أخرى من المعارضة الوطنية الديمقراطية هو عمل سياسي مهم، كان يجب أن تعرض مسودة الميثاق على القوى السياسية والاجتماعية المنضوية في إطار المجلس.
وفي الـ 24 من الشهر الجاري، أعلنت كلاً من هيئة التنسيق الوطنية و “مسد”، عن وثيقة توافق سياسية بين الطرفين، خلال مؤتمر صحفي، عبر تقنية “زووم”، بمشاركة ممثليهما من القامشلي ودمشق وفيينا وبرلين.
وتأسس مجلس سوريا الديمقراطية في 10 ديسمبر/كانون الثاني 2015، في مدينة ديرك/المالكية، أقصى شمال شرقي سوريا، ويعتبر الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية التي تدير منطقة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا.
فيما تأسست هيئة التنسيق الوطنية عقب اجتماع ممثلي بعض الأحزاب السياسيّة السورية وبعض الشخصيات المعارضة المستقلّة في بلدة حلبون التابعة لمحافظة ريف دمشق في 6 تشرين الأول عام 2011.