وسط الإهمال الحكومي.. أكثر من 55 ألف إصابة بـ “اللاشمانيا” في حلب
ترتفع أعداد المصابين بداء اللايشمانيا الجلدي أو مايُعرف محلياً بـ”حبة حلب”، في مدينة حلب وأريافها، في ظل غياب الإجراءات الوقائية لهذا الداء الذي اكتسب اسمه المتداول من مدينة حلب.
فلا تزال شبكات الصرف الصحي ومخلفات الحرب، إضافة لركام الأبنية المنهارة بسبب الزلزال، مرتعاً لذبابة “الرمل” التي تعتبر الناقل لهذا المرض، الذي وصل عدد مصابيه لأكثر من /55/ ألف شخص ما بين الريف والمدينة.
وتتوزع حوالي /35/ ألف إصابة في المدينة، وتتركز ما نسبتها 80٪ من هذه الإصابات في أحياء حلب الشرقية، و/20/ ألف إصابة في الأرياف، منها نسبة 60٪ في الريفين الجنوبي والشرقي، و40٪منها في الريفين الشمالي والغربي.
وقال مصدر في مديرية صحة حلب لمنصة “مجهر”، (فضَّلَ عدم كشف هويته)، إن المديرية زوَّدت كافة المراكز الصحية في مختلف المناطق، ريفاً ومدينة، بعلاجات اللايشمانيا مع وجود مركز رئيسي بحي “الفرقان” بحلب، إضافة لإطلاق حملات توعية من هذا المرض ضمن هذه المراكز الصحية.
وأضاف المصدر: “معظم المراكز التي خصَّصتها المديرية لتلقي العلاج تكتظ بعشرات المصابين، الذين يتوافدون يومياً لأخذ الحقن الموضعية في مختلف أنحاء الجسم، فهذا الداء الذي يصيب الجلد يتسبب بحدوث دمامل تظهر بشكل واضح في جسد المصاب، متسببة في بعض الأحيان بتشوهات ما لم يتلقى المصاب العلاج الملائم”.
الدكتور “مهند عبد القادر”، طبيب في مركز “الفرقان الصحي لعلاج اللشمانيا” في حلب، يقول لمنصة “مجهر”: “حجم الإصابات بداء اللشمانيا بتزايد مستمر خاصة مع حلول فصل الصيف، وتَرِدُ للمركز يومياً عشرات الحالات التي أصيبت بحبة حلب”.
ويضيف: “طبعاً العلاج هو عبارة عن حقن تُعطى اسبوعياً لحين تماثل المصاب للشفاء، لكن الإجراءات الوقائية هي الأفضل لمواجهة هذا المرض المتفشي بشكل كبير في صفوف الأهالي”.
ويتابع الطبيب بقوله: “القمامة المنتشرة في الشوارع وشبكات الصرف الصحي المفتوحة، إضافة للحظائر في الأرياف، لربما تكون من البيئة الأنسب لتكاثر ذبابة “الرمل” الناقلة للعدوى، وهي ذبابة أصغر من البعوضة وتحتاج لحملة مكافحة على نطاق واسع وتعاون بين الحكومة والأهالي، وهذا لم نلمسه حتى اللحظة”.
وأوضح الدكتور “مهند عبدالقادر” أن “الموضوع بحاجة لاهتمام واسع من قبل كل أجهزة الحكومة الخدمية إضافة للأهالي، فاستمرار تجاهل المشكلة سيعني ورود المزيد من الإصابات ووصول أعداد المصابين لأرقام غير مسبوقة”.
بدوره قال عبد الله سمعان (45عاماً)، مصاب بـ حبة اللشمانيا، وهو من أهالي حي السكري في القسم الشرقي من حلب، لمنصة “مجهر”: “أحياؤنا مهملة بشكل كبير، فأكوام القمامة منتشرة في الشوارع وبين الأبنية، وطبعاً هناك إصابات كثيرة في حيّنا”.
ويضيف: “من أسرتي لوحدها أصبت أنا وزوجتي وابنتي الصغيرة ذات الـ/6/ أعوام، ونراجع بشكل أسبوعي مركز اللاشمانيا في حي الفرقان من أجل أخذ العلاج”، وأضاف “لديَّإصابة بالذراع وأسفل القدم، وزوجتي مصابة في رقبتها، وابنتي لديها إصابة بالخد الأيمن”.
أمّا “عبد الحميد كبجي”، من أهالي حي “العزيزية” في حلب، فهو الآخر يطالب الحكومة بضرورة رشّ المبيدات الحشرية بشكل دوري، وإيجاد حل لمشكلة نهر “قويق” الذي يمر في العديد من الأحياء الحلبية، فالنهر، على حد وصفه، يعتبر مجرى مفتوحاً وكبيراً لمياه الصرف الصحي،إضافة لركود المياه فيه، وأكد أنه “من الضروري إغلاق الأجزاء المكشوفة منه خاصة في حي العزيزية”.
ويضيف: “سيبدأ موسم الإصابات مع اشتداد الحرّ، وحبة اللشمانيا باتت كابوساً يخشاه الجميع، سيما وأن الإصابات لا تستثني أحداً، فنحن نقوم بالمنزل باتخاذ إجراءات وقائية، منها الحرص على النظافة ورمي النفايات في مكانها الصحيح، أيضاً نقوم بوضع شبك (غربال) على الأبواب والنوافذ بحيث لاتدخل الحشرات إلى البيت، أي أننا كمواطنين نقوم بما يلزم، والباقي يجب أن تتكفل به الحكومة”.
ويُشار إلى أن اللشمانيا ليس لها أي ألم أو أعراض مسبقة، فيما تتفشى بشكل كبير في الأحياء الحلبية خاصة الشرقية منها.
ولا تزال هذه الأحياء تعاني التهميش والإهمال الحكومي، فالدمار والركام الذي خلفه الحرب، ومن ثم الزلزال، باتت معها تلك الأحياء مكاناً لتراكم النفايات والأوساخ، وبالتالي تجد ذبابة الرمل مكانها المناسب للتكاثر فيها.
تقرير : سامر عقاد