منذ عشرة أعوام.. بلدات بريف حلب الغربي في مناطق سيطرة الحكومة بدون مياه
منذ أن عاد الى بلدته “قبتان الجبل”، في الريف الغربي لمدينة حلب مطلع عام 2020، بعد دخول القوات الحكومية إليها، يضطر محمد إسماعيل (59 عاماً)، لشراء المياه من الصهاريج الجوّالة، بمبالغ يقول عنها إنه لا يمكن تحملها.
الموظف الحكومي المتقاعد يدفع شهرياً مبلغ /250/ ألف ليرة سورية ثمناً لشراء المياه لمنزله، إذ يتراوح سعر صهريج الماء سعة /20/ برميلاً ما بين /60/ إلى /70/ ألف ليرة سورية، في ظل انقطاع تام للمياه الحكومية.
فالبئر الارتوازي الحكومي خارج الخدمة منذ أن تصاعد لهيب الأعمال القتالية في المنطقة مع بدايات العام 2013.
وبالرغم من سيطرة الحكومة على المنطقة وعودة قسم من الأهالي لقرى وبلدات الريف الغربي، إلا أنه لاتزال هذه القرى والبلدات تنتظر تنفيذ الوعود الحكومية بتفعيل الخدمات، ومنها تأهيل الآبار الارتوازية لتوفير مياه الشرب للأهالي
آبار ارتوازية وشبكات مياه دمّرتها الحرب
بلدات “قبتان الجبل، عنجارة، بابيص، باشنطرة، والمنصورة”إضافة لبلدات “أوروم الكبرى والصغرى، وخان العسل “بريف حلب الغربي، والتي وقعت تحت سيطرة الحكومة قبل ثلاث أعوام، لا تزال بعيدة عن أي إجراءات تتعلق بالصيانة وإعادة التأهيل.
ولاتزال الآبار الارتوازية بلا معدات ضخ ولا تتوفر مولدات كهربائية لاستجرار المياه، إضافة للضرر الكبير الذي أصاب شبكات التوصيل ولم يتم صيانتها حتى الآن، وباتت مشكلة المياه في هذا الريف المطلب الأول للأهالي.
يقول “محمد إسماعيل” لمنصة “مجهر”: “راتبي لايتخطى /100/ ألف ليرة سورية، وأنا أدفع فقط ثمن ماء الصهاريج شهرياً مايفوق هذا الراتب بعدة مرات”.
ويتابع بقوله: “منذ أن عدنا لبلدتنا “قبتان الجبل”، وعدتنا الحكومة ممثلة بالبلدية بقرب حل إشكالية شُحّ المياه، ولكن دون أي تنفيذ على أرض الواقع، فلا نزال ندفع اشتراكات لشركة المياه الحكومية، دون أن تصلنا قطرة مياه من الحكومة”.
ويضيف: “لاحل لنا سوى الاعتماد على ماء الصهريج، حيث يحتاج منزلي على الأقل لخمسة أو ستة صهاريج شهرياً، وطبعاً في ظل الظروف الاقتصادية المزرية التي نعيشها بالكاد نستطيع توفير الأموال لتأمين المياه لعوائلنا”.
الريف الغربي.. خدمات حكومية تلامس العدم
العودة التدريجية للأهالي الى الريف الغربي لحلب لم تترافق مع عودة الخدمات الحكومية، التي لا تزال بحالة غياب شبه تام، فالمطالب المتكررة للأهالي بضرورة توفير الحد الأدنى من هذه الخدمات، ومنها المياه التي لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الجهات الحكومية، وفق ما أفاد سكان من المنطقة.
فالمياه كما يقول عبد الرحمن الأحمد (40عاماً)، من بلدة “عنجارة”، في ريف حلب الغربي، “هي أبسط المطالب وأيسرها على الحكومة، ومع ذلك لم يتم توفيرها بعد”.
ويضيف “الأحمد”: “نحن نعيش تحت رحمة أصحاب الصهاريج والآبار، أحياناً نبقى لأيام دون مياه، فأصحاب الصهاريج يرفعون الأسعار دون رقيب أو حسيب، فقبل شهرين كان ثمن صهريج الماء سعة /20/ برميلاً/40/ ألف ليرة سورية، واليوم يبلغ /70/ ألف ليرة وهو قابل للزيادة”.
ويشير “الأحمد” إلى أن حجة أصحاب الصهاريج هو ارتفاع سعر المازوت واعتمادهم على المازوت من السوق السوداء، في ظل شح المازوت المدعوم، كما يدعون.
ويقول: “طبعاً عتبنا على الحكومة التي تهمل أريافنا وتتركنا فريسة لأصحاب الصهاريج، فبدل أن ندفع مبالغ تصل شهرياً لـ/300/ألف ليرة سورية ثمناً للمياه لكل أسرة”.
ويتساءل الأحمد: “لماذا لا تتعاون الحكومة معنا ونساهم معها في تأهيل شبكات المياه المتضررة، وتوفر لنا على الأقل أبسط حاجاتنا، فريفنا محروم من الماء والكهرباء والخدمات الطبية والصحية وحتى من وسائط النقل”.
“البنى التحتية الخاصة بالمياه تحتاج لتأهيل شامل”
بدوره قال رئيس بلدية قبتان الجبل، “فواز الناصر”، إن معظم الآبار الارتوازية المخصصة لتغذية قرى وبلدات ريف حلب الغربي هي خارج الخدمة منذ أن سيطرت الجماعات المسلحة على هذا الريف مطلع الأحداث.
وزعم أنه تم نهب المعدّات الخاصة بهذه الآبار وبعضها تعرض لتدمير ممنهج.
وقال إن “البنى التحتية الخاصة بالمياه تحتاج لعملية تأهيل شاملة”، مشيراً إلى أن “الحكومة ممثلة بشركة المياه بمحافظة حلب وعدتنا بعملية صيانة لتأمين ما أمكن، وإيصال المياه لأكبر قدر ممكن من الأهالي”.موضحاً أنه إلى الآن “لم تحصل أي خطوة في هذا الاتجاه”.
إعداد: سامر عقاد