تراجع الدعم وظروف صعبة يقاسيها النازحون في المخيمات العشوائية في الرقة
لا يعلم جميل العاني البالغ من العمر 49 عاماً، النازح في مخيم سهلة البنات العشوائي شرق مدينة الرقة، كيف سيسدد ديونه بعد أن تراكمت عليه، نتيجة سوء أحواله المادية، في ظل فرص العمل القليلة، وتراجع المنظمات عن دعمها لهم.
ويقطن في مخيم سهلة البنات 1570 عائلة بحسب مجلس الرقة المدني التابع للإدارة الذاتية.
جميل نزح من منطقة القصبي شرقي معدان وتقع على الحدود الإدارية الغربية لدير الزور جنوب نهر الفرات، وهو أب لستة أطفال أكبرهم في العاشرة من عمره، وأصغرهم ذو شهرين، “ونتيجة سوء أحواله المادية” يرسل ثلاثة من أولاده للعمل بجمع البلاستيك، “لعلهم يؤمنون بعض قوت يومهم”.
أما هو فيذهب في صباح كل يوم إلى سوق الغنم في الرقة، حيث يبحث عن عمل في “الماكف” والخانات، وقلما يجد فرصته في أخذ يوميته، لأن أغلب أصحاب الخانات وما يسمى بـ “الدلال” لديهم أشخاص يعملون معهم.
ويدفعه لكل ذلك، تراكم الديون وتراجع دعم المنظمات، بالإضافة لقلة الدعم من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي تقول أن عمل المنظمات تراجع بشكل كبير في المنطقة لا سيما منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ليخف بشكل اكبر بعد الزلزال حيث اتجهت غالبية المنظمات لشمال غرب البلاد.
وبحسب مراسل “مجهر”، يبلغ عدد المنظمات المرخصة في الرقة حوالي ١٣٠ منظمة دولية ومحلية، تعمل أغلبها في مجال تقديم السلال الغذائية لأهالي الرقة ودعم المخيمات بالسلال الغذائية والدعم النفسي والطبي.
بينما يشتكي جميل ونازحون غيره في ذات المخيم من صعوبات معيشية تراكمت عليهم خاصة مع شبه انعدام للسلال الغذائية ما يجعله مجبر على دفع أطفاله لترك التعليم ومساعدته في تأمين احتياجاتهم، على حد وصفه.
تشهد المخيمات في الرقة من تردي في الواقع الخدمي وتعاني من إهمال من قبل المنظمات التي تراجع عملها خلال العامين الماضيين لدرجة كبيرة، ما يضع النازحين أمام تحديات جمة، خاصة مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل أمس الخميس إلى 8350 ليرة سورية.
بالقرب من سابقها تنبش سعدة 41 عاماً، أكواماً للنفايات بجوار مخيم تل البيعة شرق مدينة الرقة، علها تعثر على قطعة نايلون أو قطعتين لتجمعها وتبيعها، حيث تعمل سعدة منذ الصباح الباكر إلى حين شروق الشمس، لتجمع بضعة آلاف لا تتجاوز الـ 10، في حين تكلف أي طبخة متوسطة بحدود الـ 20 ألف ليرة.
ويبلغ عدد النازحين في مخيم تل البيعة العشوائي 346 عائلة بحسب مجلس الرقة المدني.
سعدة النازحة من معدان شرق الرقة بـ 50 كيلو متر تعيل 7 أطفال وزوجها المصاب، وتشتكي من صعوبة الظروف بعد تراجع الدعم وتناشد الإدارة الذاتية والمنظمات بالالتفات لأحوال الناس بالمخيمات، وسبق مناشدتها مناشدة من الإدارة الذاتية للأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه النازحين.
وتقول، إنها مريضة لكن لابد لها من العمل لتصرف على عائلتها وتأمين الأدوية، وتكشف أنها لم تحصل على سلة غذائية أو دعم منذ 7 أشهر، وكانت في السابق تستطيع تأمين ثمن أدويتها لفترة من خلال بيع سلة حيث كانت تستلم شهرياً، “أما اليوم فهي عاجزة”.
ويوجد في الرقة 58 مخيم عشوائي كانت هناك خطة لدمجهم بمخيم واحد لتسهيل عملية دعمهم لكنها لم تٌطبق بعد، ويصل عدد النازحين إلى 90 ألف جميعهم يحتاجون دعم ويواجهون حياة مأساوية.
أما “جميلة” 39 عاماً، النازحة بمخيم اليوناني والتي تنحدر من منطقة الرصافة جنوب مدينة الرقة، واحدة من اللواتي تعملن بالمياومة لتأمين بعض من مصاريف أسرتها، وأرسلت زوجها للعمل عند المتحف وطفلين من أولادها الخمس للعمل في الصناعة عند أحد الميكانيكيين.
ويقطن في مخيم اليوناني أكثر من 250 عائلة بحسب مجلس الرقة المدني.
وتشتكي الأربعينية من الصعوبات المعيشية والإهمال الطبي، حيث تمكنت حبة اللشمانيا من تشويه وجه أحد أطفالها وأصابت آخر في ساقه، دون أي رعاية طبية في المخيم.
يدفع لها أصحاب العمل في الأراضي الزراعية حوالي 10 آلاف ليرة في اليوم، وتعمل بالإضافة لذلك بجمع النايلون والخردوات لبيعها وتأمين بعض المال.
وطيلة فترة الشتاء كانت تدفئ مع أسرتها على الحطب والبلاستيك والأحذيه القديمة، حيث لم تستلم مادة مازوت التدفئة التي تخصصها الإدارة، وأطفالها أصبحوا يعانون من أمراض، على حد قولها.
وتعاني المخيمات العشوائية في الرقة من إهمال المنظمات في مجال المساعدة والخدمات الطبية والتعليم وغيرها الكثير من الأمور التي يحتاجها النازحون، حسب تعبيرهم.