بعد الزلزال المدمر.. ارتفاع جنوني في إيجارات المنازل في حلب
دفع رشيد عبدالهادي (33 عاماً) سبعة ملايين ليرة سورية، كإيجار سنوي لشقة سكنية في حي شارع النبيل في مدينة حلب بعد كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة شمال غربي سوريا في السادس من شهر شباط/ فبراير الماضي، والذي خلف آلاف الضحايا والأبنية المنهارة والمتصدعة.
الشاب الثلاثيني الذي نزح مع أسرته من حي الكلاسة في حلب بعد أن تصدعت البناية السكنية التي كان يقطنها جراء الزلزال، عانى الأمرين في سبيل الحصول على مأوى لأفراد عائلته، المكونة من 8 أفراد تشمل زوجته وابنتيه و شقيقاته ووالدته.
فيما عملية البحث لإيجاد منزل للأجار في الأحياء الغربية من حلب “باتت مهمة شبه مستحيلة”، على حد وصف “عبدالهادي”.
ويقول رشيد عبدالهادي لمنصة مجهر، إنه “بعد جهود مضنية وبحث طويل” وجد ضالته بشقة سكنية مؤلفة من غرفتين، ولكن بإيجار سنوي مضاعف بنسبة مائة بالمائة.
ويضيف: “هناك ارتفاع غير مسبوق للإيجارات في حلب بعد الزلزال، فهذه الشقة السكنية، التي استأجرتها بعد ثلاثة أسابيع من البحث في المكاتب العقارية بمختلف أحياء حلب الغربية، لم استطع استئجارها إلا بعد دفع مبلغ 7 ملايين ليرة لصاحب الشقة مقدماً عدا عن أجور العقد والتأمين وأجور المكتب العقاري”.
ويشير إلى أن “هذه الشقة بالتحديد كان إيجارها السنوي قبل الزلزال يقدر بثلاثة ملايين ليرة سورية، كحد أقصى”.
ويتابع بالقول: “لكن بعد الفاجعة التي ألمت بنا وبغيرنا من أبناء حلب خاصة في الأحياء الشعبية، زادت إيجارات العقار بشكل كبير ودون أي ضوابط من الحكومة، فالمكاتب العقارية وأصحاب البيوت هم من يحددون السعر”.
ويضيف: “منزلي في حي الكلاسة غير صالح للسكن والسكن بالخيام معاناة تفوق الوصف، لذلك لم أملك من خيار سوى دفع هذا المبلغ الذي اضطررت لاستدانة معظمه لسداد الإيجار المرتفع”.
ولا يختلف حال حسين الحمود (47 عام) من أهالي حي الصالحين في حلب عن حال “رشيد”، إذ اضطر لبيع مصاغ زوجته الذهبي لسداد إيجار منزل في حي الحمدانية في حلب.
وبدأ “الحمود” البحث عن منزل بعد اكتظاظ المركز الذي كان يتمركز فيه في حي صلاح الدين، هو وأطفاله الأربعة.
ويقول “الحمود” إن “ايجاد منزل في أحياء حلب التي لم يصبها الزالزال بسوء، أمر عسير، خاصة وأن الإيجارات مرتفعة بشكل جنوني، فالغرفة ومنافعها التي وجدتها في حي الحمدانية دفعت إيجارها حوالي 5 ملايين ليرة لعام واحد”.
ويصف الرجل الأربعيني أن “ما يحصل استغلال لحاجة النازحين، لكن ما باليد حيلة إما أن ندفع المبلغ أو نبقى على قارعة الطريق، أو في مراكز الإيواء التي تشبه السجون والمعتقلات”.
أما طه الحاج محمد، صاحب مكتب عقاري، يقول لمنصة مجهر: “هناك إقبال كبير وغير مسبوق لاستئجار العقارات في القسم الغربي من مدينة حلب، فمناطق الحمدانية وحلب الجديدة وجمعية الزهراء وشارع النيل وغيرها باتت مقصداً لسكان حلب الشرقية خاصة من الأحياء الأكثر تضرراً من الزلزال كحي الصالحين والفردوس والكلاسة وغيرها”.
ويشير إلى أن “كثرة الطلب وقلة العرض دفعت بارتفاع جنوني في الإيجارات وصلت لبعض المناطق بنسبة مئتين بالمائة”.
ويقول “في حي حلب الجديدة الشقق التي كان ايجارها 4 مليون سنوياً وصلت الآن لـ 8 مليون ولربما 10 مليون”.
ويضيف: “الكثير من الناس يضطرون لدفع هذه المبالغ خاصة ممن فقد منزله أو تصدع أو حتى ممن بات يخشى من وقوع هزات أرضية جديدة وهم يقطنون في أحياء تفتقر أبنيتها لأدنى معايير السلامة”.
ويشار إلى أن الزلزال المدمر ترك حوالي 180 ألف شخص في حلب بدون مأوى وفقاً لما أعلنه منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا المصطفى بن المليح لفرانس 24.
إعداد التقرير : سامر عقاد