فقدت هويتها وامتداد لسياسات دول.. زوبعة اتهامات تلاحق المعارضة السورية
أثار رئيس الحكومة السورية المؤقتة، “عبد الرحمن مصطفى”، موجة انتقادات حادّة، على خلفية التصريحات التي أدلى بها مؤخراً والتي رحب فيها بالتقارب بين أنقرة ودمشق، معتبراً “أنها خطوة مهمة نحو حل سياسي للأزمة السورية”.
ونفى عبدالرحمن مصطفى هذه التصريحات، وقال إن وسائل الإعلام نشرت ترجمة غير صحيحة لتصريح أدلى به.
تصريحات رئيس الحكومة المؤقتة، ورغم نفيها فيما بعد، أثارت موجة غضب واسعة بين السوريين، وشرَّعت الباب أمام موجة من التساؤلات حول قدرة المعارضة على الاعتراض على المستجدّات في الموقف التركي.
يحيى العريضي: الدول ليست جمعيات خيرية.. والمبادئ والأخلاق أصبحت عملات نادرة
ويرى الأكاديمي السوري المعارض يحيى العريضي، أن “صوت الشعب السوري يبقى فوق قرارات الجميع” وقال: “هذا الشعب هو صاحب الفيتو في كل شيء، مهما كانت حالة ضعفه”.
وأضاف العريضي في تصريح خاص لمنصة “مجهر”: “اتضح ذلك كالشمس في الاسبوعين المتتالين عندما رفض التقارب، وصوته كان الأعلى وهو الذي وضع الآخرين في حالة استنفار. وإن كان لا بُدّ من هذا التقارب؛ فهو لا يفوِّضُ أحداً للتحدث باسمه أو المساومة في قضيته”.
وتابع بالقول: “المعارضة السورية لا حول لها إلا أن تكون مع الشعب، فبمجرد أن تنساق مع تركيا؛ فإنها ستُرجَم وهذا سلفاً ما تم، ومن هنا سمعنا بالمسارعة في نفي تصريحات عبدالرحمن والقول بأنها إساءة في الترجمة”.
وعن المحادثات بين أنقرة ودمشق، قال الأكاديمي السوري المعارض “للدول مصالح، هي ليست جمعيات خيرية، والمبادئ والأخلاق في سياسات الدول أصبحت عملياً عملات نادرة، لتركيا مصالح وتقوم باستغلال مأذونيات الآخرين المنخرطين في الشأن السوري، وتستغل وصول منظومة الأسد إلى حالة إنهاك وضَعف غير مسبوقة”.
وشدد على “أن تركيا تطلب منه (أي النظام السوري) ما لا يقدر عليه، أو فعله مثل محاربة (قسد) وعودة اللاجئين السوريين”.
وأضاف العريضي: “لنظام الأسد أيضاً مصالح من هذا التقارب، لحل مشاكله الاقتصادية عبر الانفتاح أو فتح المعابر، وليوضِّحَإعلامياً أنه يسيطر على أرضه وحدوده”.
وأوضح بقوله: “لا تركيا قادرة على تحقيق ما يريده النظام، ولا النظام يستطيع تنفيذ الشروط التركية، وأمريكا لن تترك شمال شرق سوريا لقمة سائغة لأحد، حيث يدها العليا، كما أن إيران لم نسمع صوتها، عملياً إن لم تكن مستفيدة؛ فستُعَرقِل هذه المحادثات”.
“تصريحات مصطفى زادت من الهواجس”
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، “سليمان دحلا”، أن مؤسسات المعارضة بشكلها الحالي ليست سوى أدوات للسياسة التركية، وقال لصحيفة “القدس العربي”: “تصريحات المصطفى تزيد من الهواجس، وتؤكدها أكثر مما تقدم تطمينات من خلال عبارات عامة ضبابية، مثل عدم تجاوز توقعات الشعب السوري، وهو الذي قال كلمته في ساحات التظاهر، متجاوزاً كل تلك الأجسام والأشخاص”.
ويرى “دحلا” أن الحل السياسي الذي يريده الشعب السوري، “هو ذاك الذي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية وفق ما جاء في بيان جنيف لعام 2012، وليس ذاك الذي انزلقت إليه المعارضة وفق مسار أستانا الذي يسير وفق الحل الروسي، بما يعني أن المعارضة ومعها تركيا، منخرطة فعلياً في هذا الاتجاه الذي يفضي بالضرورة إلى شرعنة الأسد وإعفائه من المسؤولية عن الجرائم بل مكافأته عليها”.
“المعارضة باتت امتدادات لسياسات الدول التي تتواجد فيها”
من جهته أشار الباحث والأكاديمي السوري “محمود الحمزة” أن “عبدالرحمن مصطفى، لا يستطيع أن يخرج عن التعليمات التي تأتيه من تركيا، أسوة بالإئتلاف وهيئة التفاوض، فهم تابعون للدول الخارجية ولا يمثلون الشعب السوري لا من قريب ولا من بعيد”.
في السياق رأى رئيس المجلس الوطني السوري السابق، “عبدالباسط سيدا”، في مقال له، أن المنصات والهيئات المعارضة، باتت عملياً مجرد امتدادات لسياسات الدول التي تتواجد فيها، وقال “جميعها لن تتمكن من الاعتراض على السياسة التركية، لذلك ينبغي التركيز على السوريين المناهضين لسلطة الاستبداد والفساد والإفساد في الداخل السوري في جميع المناطق السورية”.
المعارضة السورية “فقدت هُويَّتها”
من جانبه قال العميد السوري المنشق،”أحمد رحّال”، إن “المعارضة السورية فقدت هُويَّتها”.
وأضاف ” جميعنا نرى أن هناك عرض أمريكي، ونافذة لإيجاد صيغة مشتركة بين شرق وغرب الفرات، من خلال زيارة “جيفري” لأنقرة، إذاً، أين المعارضة السورية من هذا الطرح؟ المسؤولون الأمريكيون جاؤوا إلى شرق الفرات واجتمعوا مع (قسد) و(مسد)، وذهبوا إلى أنقرة وتفاوضوا معهم، لكن لم نسمع يوماً أن أحداً جاء إلى المعارضة أو الإئتلاف، أو الحكومة، هم يرون أنه لا حاجة لسؤالهم؛ لأن هناك من يتخذ القرار بدلاً عنهم”.
وعن التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة المؤقتة، ومن ثم نفيه لتلك التصريحات؛ قال “رحّال”: “لا أعرف ما عداء الإعلام التركي معه، حتى ينفي كل شيء، رئيس تحرير صحيفة تركية تحدث على لسانه، فقال إن الخبر مفبرك، ومن ثم نقلت قنوات تلفزيونية تركية ومواقع أخرى تصريحات على لسانه، لينفي مرة أخرى، ويقول إن تلك الأخبار مفبركة، هل هذا يعني أن الإعلام التركي ترك كل المشاكل الداخلية والتهى بفبركة كلام عبدالرحمن؟!”.