جفاف الخابور.. سدود بدائية لفصائل تدعمها تركيا تتسبب بهجرة سكان قرى على سرير النهر
“كنا نملك أرضاً زراعية بمساحة تقدر بـ/20/ دونماً جانب نهر الخابور، وكانت المصدر الرئيسي لرزقنا ولقمة عيشنا، لكن بعد جفاف نهر الخابور تركنا العمل في الأرض وانتقلنا إلى الأعمال الحرة”، هذا ما قاله “عمر الصالح/ 45 عاماً”، من بلدة طوق الملح في ريف الحسكة الغربي لمنصة “مجهر”.
ويعتبر نهر الخابور من أهم الأنهار الحيوية في الجزيرة بشكل خاص وفي سوريا بشكل عام، ويمتد طول النهر مسافة /320/ كم ابتداءً من ينابيع رأس العين/ سري كانيه وينتهي مصبّه في بلدة البصيرة بدير الزور.
ويعتمد أهالي القرى الذين يقطنون على جانبي النهر على مياه الخابور لسقاية أراضيهم الزراعية سواء في موسم زراعة القمح والشعير وأيضاً زراعة القطن والخضراوات.
ويقول عمر الصالح، بأنهم حاولوا إيجاد وسائل بديلة لجفاف نهر الخابور وهي حفر الآبار الارتوازية بجانب النهر لسقاية أراضيهم، “لكن هذا الحل لم يدم طويلاً”، وفق تعبيره.
وأضاف: “مياه الآبار أيضاً جَفَّتْ ولم تعد كالسابق، مما جعلني اضطر لترك الأرض والقرية والهجرة إلى مدينة الحسكة للعمل في مهنة النجارة”.
من جانبه، توقف أحمد الرمضان/ 50 عاماً، وهو من أهالي حي النشوة الغربية في الحسكة، عن زراعة الخضراوات بشكل نهائي بسبب جفاف نهر الخابور.
وقال الرمضان: “بعد جفاف الخابور؛ لم تعد هناك مياه تصلح لسقاية الخضراوات، وحتى الآبار التي حفرناها جَفَّت ولم تنجح الخضروات التي زرعناها”.
ويضيف: “تحول نهر الخابور لأماكن تجمع لمياه الصرف الصحي ومصدر للتلوث ولا نستطيع سقاية الخضراوات من هذه المياه الملوثة، كونها تسبّب الأمراض. وهناك قرارات صدرت من الإدارة الذاتية بمنع سقاية الأراضي من هذه المياه”.
وبحسب “الرمضان” لم يكن يتوقع أن يصبح الخابور بهذه الصورة التي عليها الآن، حيث يقول “الخابور الذي كانت مياهه تفيض، أصبح مجراه مجرد أرضٍ جافة لا تصلح حتى لرعي الأغنام”.
الأسباب الرئيسية لجفاف نهر الخابور
ومع بداية الأزمة السورية كان نهر الخابور نهراً غزيراً يستفيد منه سكان القرى المجاورة للنهر في زراعة أراضيهم والصيد أيضاً.
ولكن مع بداية سيطرة تركيا على مناطق واسعة في شمال سوريا؛ عمدت الفصائل التي تدعمها تركيا لبناء سدودٍ بدائية بواسطة آليات بسيطة على نهر الخابور وفي مناطق سيطرة تلك الفصائل، سعياً منها لمنع وصول تلك المياه إلى منطقة تل تمر ومنها إلى الحسكة، وفقاً لما قال “محمد الأسود” مدير الموارد المائية في الحسكة لمنصة “مجهر”.
ويؤكد “الأسود” بأنهم حصلوا على معلومات “تفيد بقيام الفصائل التابعة للاحتلال التركي بحجز المياه عن المنطقة وع
منع الجريان الطبيعي للنهر، وعمدوا إلى بناء سدود في منطقة “جرجب السفح” وقرية “المناجير” التابعتين لرأس العين/ سري كانيه، وبالتالي منع أهالي المنطقة من الاستفادة من مياه النهر وخاصة في قطاع الزراعة”.
ومن الأسباب أيضاً، بحسب “الأسود”، “سنوات الجفاف التي ضربت المنطقة، وحفر الآبار في المناطق المحيطة بمنبع النهر”.
التداعيات وحجم الأضرار التي خلفها جفاف نهر الخابور
ولجفاف الخابور تداعيات وآثار خطيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بحسب ما يقول مدير الموارد المائية في الإدارة الذاتية.
ويضيف “الأسود” بأن هناك آثار اقتصادية متمثلة بخروج المشاريع الاقتصادية عن الاستثمار كالسدود نتيجة الجفاف.
وأيضاً خروج مساحات زراعية واسعة عن الزراعة والتي تُزرع فيها المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والشعير والقطن.
وينوّه “الأسود” إلى أن هناك آثار اجتماعية متمثلة بهجرة سكان القرى الذين يقطنون سرير النهر لعدم تمكنهم من زراعة أراضيهم، بالإضافة الى تدني المردود الاقتصادي للفرد.
وعن الآثار البيئية، أكد “الأسود” أن النهر أصبح مجرى لمياه الصرف الصحي، خاصة للمدن الموجودة على ضفاف النهر، بالإضافة إلى موت الأشجار التي كانت مزروعة على شكل مجمَّعات قريبة من النهر، وأيضاً انعدام الثروة السمكية التي كانت تعيش في السدود وفي النهر.
إعداد التقرير: ملحم المعيشي