السلمية.. خطر الاندثار يلاحق مهنة “تنجيد الصوف”
يخشى أبو تميم، (اسم مستعار)، والذي يعمل في مهنة تنجيد الصوف في مدينة السلمية بريف حماة، من خسارته لعمله، بعد أن كانت مهنته من أكثر المهن التي كانت في السابق يَعتمد عليها نسبة كبيرة من عائلات المدينة.
وتعاني الكثير من المهن اليدوية والقديمة من خطر “الاضمحلال”، في ظل التطور المستمر والذي يشق طريقه بعدة مسارات ضمن الداخل السوري بالرغم من آثار الحرب التي لا تزال ملامحها واضحة في كامل البلاد، بحسب أبو تميم.
وعلى الرغم من أن بعض المهن القديمة لا تزال تقاوم هذا التيار وانحسار عدد المستفيدين منها، إلا أن بعضها أصبح مهدَّداً بالاندثار بشكل فعلي، كمهنة “تنجيد الصوف وحشوه ضمن الفرش والوسائد والمجالس العربية”.
يقول “أبو تميم” /61 عاماً/ لمنصَّة “مجهر” الإعلامية إن مهنته الذي ورثها وتعلمها عن أبيه “تكاد تنتهي بعد استخدام الإسفنج والوسائد والفرشات المحشوّة بالقطن والمواد الصناعية”.
ويتابع أن “أعداد الزبائن باتت أقل من الماضي بكثير، إذ كان الأهالي يحجزون موعداً لتنجيد صوفهم وإعادة الجودة لفرشاتهم ووسائدهم”.
ويشير الرجل الستيني إلى أنَّ عدد كبير من زملائه في المهنة توقَّفوا عن العمل فيها منذ سنوات، وبقي هو وشخص آخر فقط في كامل المدينة يعملون في هذه المهنة، التي ربما قد تنتهي حرفياً بعدهما، وفق وصفه.
أما عن الأجور التي يتقاضاها لقاء عمله؛ فيشرح “أبو تميم”، بالقول “أجور تنجيد الصوف تختلف بحسب قياس الفرشة أو الوسادة، وتتراوح بين الـ/15/ ألف إلى /20/ ألف ليرة سوريّة بالنسبة للفرشات المتوسِّطة، بينما تكون ثلاثة آلاف بالنسبة للوسائد”، مبيّناً أن “تنجيد الصوف يجب أن يحدث مرة كل سنتين وسطياً ليحافظ على جودته ومنظره”.
والتقت منصَّة “مجهر” الإعلامية مع، “أم نور”، وهي إحدى السيّدات التي تحافظ حتى الآن على الوسائد و”الفرشات” الصوفية في منزلها، بدلاً من الإسفنج الصناعي والمضغوط.
تقول السيدة الأربعينية إن “فرشات الصوف أفضل بكثير من الإسفنج، ومريحة أكثر، لم أستطع النوم أو استعمال الإسفنج بدلاً من الصوف”.
وتؤكد “أم نور” على أن “تنجيد الصوف كان من الطقوس المميزة في صغري، إذ تجتمع أغلب نساء العائلة وتقوم بنشر الصوف وتعريضه للشمس، ومن ثم تنجيده وإعادة حشوه والاستمتاع بمنظره وملمسه بعد أن يرتفع مجدّداً ويصبح أكثر حجماً بسبب ضربه بالخيزران”.
يقاوم “أبو تميم” حتى الآن، بـ”بكرة الخيطان والمِسلَّة وعصا الخيزران” التي يمتلكها، خطر اندثار مهنته التي يحبها، لكنه يشعر بـ”السعادة”، وفق وصفه، كونه قد يكون آخر “المنجّدين” الذين سيغلقون باب هذه المهنة ضمن المدينة.
إعداد: نبيل المير