حاول التخلص من إدمانه عدة مرات.. لكن غياب مراكز الرعاية تحيل دون شفائه
ساعات الليل التي يعيشها “هاني عليا” (اسم مستعار)، لا تمرُّ بسهولة وهدوء كما يجب، فالجُرُعات العلاجية التي تحافظ على أعصابه وتساعده على تخفيف الأعراض الانسحابية للمخدرات؛ لا تمنع الآلام وحالة التوتُّر والقلق من الظهور.
يقول “هاني” البالغ من العمر 22 عاماً، لمنصة “مجهر” الإعلامية، إنَّه “يعاني للمرة الثالثة على التوالي من تجربة الإقلاع عن المخدرات، وفي كل مرة تكون الحالة أصعب من سابقاتها”، مبيّناً أن “الانتكاسات التي تحدث معه تكون خارج سيطرته، ولعدة أسباب”.
يرفع “هاني” كلتا يديه المرتجفتين ويشير إلى الإزرقاق الذي يبدو واضحاً أسفل عينيه، ويقول “أكرَهُ هذا المنظر وأحاول تغييره، لكنني أفشل في كل مرَّة، بالرغم من المساعدة الكبيرة التي أتلقاها من عائلتي، ومرافقتهم لي إلى مشفى “ابن رشد” في دمشق حيث أتلقى العلاج فيهه مُدَّةَ 10 أيام”.
تبلغ “أم هاني” من العمر 43 عاماً، لكن مشكلة ابنها تضفي على مظهرها تفاصيل كِبَرِ السنِّ فتبدو وكأنها امرأة ستينية، بالرغم من أن طاقتها ورغبتها بعلاج ابنها تشبه طاقة الشباب، وهو ما أكدته خلال حديثها لمنصة “مجهر” الإعلامية.
تبيّن “أم هاني” أن “مشكلة الانتكاس التي يعاني منها ابنها للمرة الثالثة لا يتحمل مسؤوليتها وحده”، فهي تعلم جيداً أنه يحاول جاهداً التخلص من إدمانه، لكن هذا لا يكفي بغياب مراكز الرعاية النفسية ومراكز علاج الإدمان في مدينة السلمية”.
وتؤكد أن هناك “جهتان فقط تقومان بهذه المهمة، واحدة حكومية، وأخرى تابعة لمؤسسة “آغا خان”، لكنهما لا تكفيان بسبب كثرة المراجعين لهما من المدينة والقرى المحيطة بها، ووجود عدد قليل جداً من الأطباء المناوبين ضمن هذه المراكز، مما يجعل متابعة كل مريض بشكل قريب ومركز أمراً شبه مستحيل”.
وتشير توقّعات المكتب الإقليمي لمكافحة الإدمان في سوريا إلى أن نسبة الإدمان على المخدرات بين الذكور من سن 15 عاماً إلى 49 عاماً، تتجاوز الـ 2.5% ، بالرَّغم من غياب الإحصائيات الرسمية الحكومية في كامل سوريا.
يذكر أنه يوجد في مناطق سيطرة حكومة دمشق مشفيان حكوميان متخصصان في علاج الإدمان فقط، الأول هو مشفى “ابن رشد لعلاج الإدمان”، والثاني “المرصد الوطني لرعاية الشباب في سوريا”.
قد تكون محاولات “هاني” المستمرة تعكس مدى قوته ورغبته بالتخلص من إدمانه، لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هي، إلى متى سيبقى يحاول بهذه الطاقة، بالرَّغم من كل الصعوبات التي لا يمكن أن يشعر بها إلا من هو بنفس حالته؟، وهل سيستطيع الشفاء والبراء من الإدمان بشكل كامل دون مساعدة وإشراف الأجهزة الطبية والنفسية المتخصصة؟