واشنطن بين نارين.. تصاعد التوتر التركي الإسرائيلي يهدد أمن سوريا ويحرج السياسة الأميركية

روبين عمر
وسط تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام معضلة جيوسياسية معقدة تهدد استقرار سوريا والمنطقة ككل، في ظل تضارب مصالح حليفين رئيسيين لها في الشرق الأوسط.
وفي تصريح خاص لمنصة مجهر الإعلامية، اعتبرت كارولين روز، كبيرة الباحثين في معهد “نيو لاينز” بواشنطن، أن “الولايات المتحدة تنظر بقلق إلى التصعيد بين أنقرة وتل أبيب، لأن كليهما شريكان رئيسيان في الناتو، وقد يؤدي هذا التوتر إلى صراع محتمل في سوريا”.
وأضافت أن “إسرائيل ترى في الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا تهديداً، ما يفسر توسعها العسكري خارج الجولان، فيما تسعى تركيا لحماية هذا الجهاز الأمني الوليد عبر دعم مباشر، رغم ضعف قدراته الدفاعية”.
مخاوف أميركية من تصعيد يعقّد ترتيبات ما بعد الأسد
من جانبها، أكدت إيرينا تسوكرمان، المحامية المتخصصة في الأمن القومي وعضو مجلس إدارة مركز “واشنطن أوتسايدر”، أن التوتر بين تركيا وإسرائيل يُدخل واشنطن في حسابات دقيقة، خاصة وأنه يهدد بتقويض بنية الأمن الإقليمي ويعقّد الاستراتيجية الأميركية في مرحلة ما بعد بشار الأسد.
وأشارت إلى أن “الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس ترامب، تحاول إعادة ضبط توازنها في الشرق الأوسط عبر شراكات مرنة، لكن التصعيد الحالي قد يُجبرها على اتخاذ مواقف حاسمة بين طرفين من حلفائها”.
التوتر في سوريا يُخشى أن يتحوّل إلى صراع مباشر بين القوات الإسرائيلية والتركية، سواء عبر الضربات الجوية أو الاشتباكات بالوكالة أو العمليات السرية.
وبحسب تسوكرمان، فإن “أنقرة تسعى لترسيخ وجود عسكري دائم في شمال سوريا، ما يثير مخاوف إسرائيل من توسع نفوذ تركي يهدد عمقها الاستراتيجي”.
وتنقل تصريحات المحللين أن واشنطن قد تضطر لتبني استراتيجية متعددة الأوجه تشمل وساطة دبلوماسية نشطة، ورسم خرائط لفضّ الاشتباك في سوريا، وتعزيز تحالفاتها الإقليمية لاحتواء النفوذ التركي. كما قد تلجأ إلى استخدام أوراق ضغط مثل المساعدات العسكرية، أو حتى إعادة الانخراط المحدود مع روسيا لإعادة التوازن داخل سوريا.
خطر الانفجار الإقليمي يلوح في الأفق
جون روسوماندو، الخبير في الشأن القومي، يرى أن “الخطر يكمن في تطور التوتر إلى حرب شاملة ما لم تتدخل الولايات المتحدة للفصل بين الجانبين”.
ويؤكد أن “الاستقرار في سوريا ليس مسألة داخلية فحسب، بل بات ضرورة استراتيجية لواشنطن، خشيةً من التهديدات الإرهابية وامتداد الفوضى إلى دول الجوار مثل الأردن”.
مع تعقد المشهد الإقليمي، يبدو أن واشنطن ستواجه اختبارا دقيقا في موازنة تحالفاتها، ومنع انزلاق سوريا إلى ساحة صراع إقليمي جديد، وسط تغيرات متسارعة تعيد تشكيل معادلات الشرق الأوسط.