مخيم الهول.. عائلات تحلُمُ بحياة جديدة وإدارة المخيم تحذّر من عودة ثانية لـ “داعش”
الحسكة-مجهر
“أمضيت هنا ما يقارب من خمسة أعوام، الأوضاع كانت سيئة جداً، كنا نسمع يومياً بحالات قتل، لم أصدّق يوماً أنني سأخرج من هنا”.
بهذه الكلمات عبّرت “فاطمة الأحمد”، (اسم مستعار)، عن سعادتها بالاستعداد لمغادرة مخيم الهول شمال شرق سوريا، والذي يوصف بأخطر المخيمات في العالم.
في 14 من شهر أغسطس/ آب الحالي؛ غادر مخيم الهول، أكثر من /400/ شخص من /70/ عائلة تنحدر من منطقة دير الزور، وهي الدفعة الثالثة والعشرون التي تغادر المخيم، بعد أن أقرت الإدارة الذاتية إعادتهم لمناطقهم؛ بالتنسيق مع وجهاء من العشائر العربية.
“فاطمة” تقول إنها لم تكن تتمنى لأولادها الأربعة أن يعيشوا ضمن مخيم يسود فيه التطرف، على الرغم من أنها كانت تعيش سابقاً في مناطق تسيطر عليها عناصر من تنظيم “داعش” الإرهابي.
وتضيف في حديثها لـ “مجهر: “كنا نخاف من كل شيء، كنت أفكر أحياناً كيف سيغدو مستقبل هؤلاء الأطفال، في ظل عيشهم ضمن بيئة متطرفة سوداء، أنا مسلمة وملتزمة، لكن لا أريد لأطفالي أن يعيشوا في مثل هذه البيئة، أتمنى أن تمنحنا الحياة فرصة جديدة، لأعوِّضَهم عن تلك السنين البائسة التي قضيناها وسط هذه الرقعة الجغرافية”.
عشرات الأشخاص من أمثال المرأة الثلاثينية “فاطمة” كانوا يخشون أن يعبّروا عمّا في دواخلهم، خوفاً من التعرُّض للقتل على يد نسوة “داعش” اللّواتي فرضنَ عليهُنَّ الالتزام بالقوانين التي فرضها التنظيم الإرهابي.
ووفقاً لمسؤولين في مخيم الهول؛ غادرت أكثر من /1400/ عائلة سورية المخيم منذ بدء عملية إخراجهم على دفعات، مؤكدين أنهم يستعدّون لإخراج المزيد من العائلات السورية في الفترة المقبلة.
وعلى الرغم من خروج مئات العوائل من المخيم وعودتهم لمناطقهم في دير الزور والرقة، لا تزال تُهمة الانتماء لتنظيم “داعش” الإرهابي تلاحق معظم هذه العائلات.
وفي الجهة المقابلة عملت إدارة المخيم على ترحيل لاجئين عراقيين.
ويعيش حالياً في مخيم الهول نحو /55/ ألف شخص، بينهم أكثر من /28/ ألف شخص من الجنسية العراقية، وما يقارب من /8000/ شخص من عائلات تنظيم “داعش” الأجانب.
فيما تسعى الإدارة الذاتية من خلال تواصلها مع أطراف عدّة لحل مشكلة مخيم الهول، إذ لا يزال التطرف يسيطر ضمن المخيم الذي بات يوصف بـ”دويلة داعش الجديدة”، على الرغم من الاجراءات الأمنية المشدَّدة ضمن أسواره.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن أكثر من /100/ جريمة قتل قد وقعت خلال عام ونصف في المخيم.
وقال “عمران رضا” المُنسّق المقيم لـ “الأمم المتحدة” ومُنسّق الشؤون الإنسانية في سوريا؛ إن العديد من الضحايا في مخيم الهول كانوا من النساء، وفقاً لما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
وكانت قوى الأمن الداخلي (الأسايش) قد عثرت مؤخراً على نفق داخل مخيم الهول تستخدمه خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي للتخفي وتهريب عائلات لعناصر التنظيم المتطرف.
وأوضح مصدر ضمن مخيم الهول، اشترط عدم كشف هويته، أن خلايا “داعش” في المخيم على صلة بشبكات لتهريب البشر ضمن مناطق تسيطر عليها فصائل تابعة للاحتلال التركي.
أما أورهان كمال، “منسق رابطة تآزر للضحايا في شمال شرق سوريا”، أكّد لمنصة مجهر أن هناك عراقيين من عوائل داعش خرجوا من مخيم الهول يقطنون في مدينة رأس العين/ سري كانيه.
وتقدر عدد العوائل، وفقاً لمنسّق رابطة تآزر، بنحو /55/ عائلة تسكن في حيَّي “حوارنة ” و “زرادشت “، دخلوا المدينة بعد احتلالها من قبل تركيا.
وأصدرت إدارة مخيم الهول، اليوم الأحد، بياناً قالت فيه إن الآلاف من عوائل التنظيم الموجودون في المخيم ينتظرون الفرصة المناسبة لإعادة تشكيل داعش من جديد، وأي تدخل تركي في المنطقة سيجعل المنطقة في حالة فوضى تساعد “داعش” على إبراز نفسها من جديد على الساحة السورية.
وحذر البيان من أن التصعيد التركي الأخير يمكن أن يُضعف الرقابة على المخيم ويتسبب بحدوث حالات هروب، في ظل انشغال قوات سوريا الديمقراطية في المواجهة مع تركيا، ما ينذر بعودة ثانية للتنظيم المتطرف، وفق لإدارة المخيم.