مؤتمر بروكسل الثامن وشمال شرق سوريا.. “فرصة لإعادة التذكير بالواجب الأخلاقي”
روبين عمر – مجهر
تشهد مناطق شمال وشرق سوريا وضعاً إنسانياً مزرياً بشكل غير مسبوق، وذلك نتيجة الأضرار التي خلّفتها سلسلة الهجمات الجوية التركية المتعمدة والمتكررة على البنى التحتية المتهالكة، ومرافق الطاقة، والمنشآت التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وهو ما شكّل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي بحسب لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، والتي أكّدت أيضاً أنّ تلك الهجمات حرمت أكثر من مليون شخص من الماء والكهرباء طيلة أسابيع.
دعم مستقبل سوريا والمنطقة
وفي موازاة الهجمات على الأعيان المدنية، وبحسب اللجنة الأممية ذاتها، فقد تمّ “قتل مدنيين في هجمات جوية مُوجَّهة، ضمن نمط من الهجمات التركية بالطائرات المُسيَّرة. وقد ترقى مثل هذه الهجمات إلى جرائم الحرب”.
وينظم الاتحاد الأوروبي في 30 أبريل/ نيسان الجاري مؤتمر بروكسل الثامن حول مستقبل سوريا والمنطقة حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، بمشاركة المجتمع المدني السوري.،
ويهدف المؤتمر إلى جمع التبرعات وتكريسها في مشاريع الدعم الإنساني للسوريين، كما يوفّر منتدىً قيماً للحوار الدولي بشأن مستقبل سوريا والمنطقة، ويحدّد مسار وشكل الانخراط الدولي في الأزمة السورية للعام المقبل.
فرصة لإعادة التذكير بالواجب الأخلاقي
وقال عزالدين صالح، المدير التنفيذي في رابطة تآزر للضحايا، لمنصة مجهر: “سيكون الهدف تسليط الضوء على المناطق المهملة في سوريا، حيث تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في خضم الصراع. وسوف نتعمق بشكل خاص في الوضع في الأراضي التي تحتلها تركيا في شمال سوريا، والتي وصفتها الحكومة التركية بأنها مناطق آمنة والتي تقوم بترحيل اللاجئين السوريين إليها بشكل متزايد.
وأضاف صالح، أن المؤتمر يشكّل فرصة سنوية لإعادة التذكير بالواجب الأخلاقي تجاه المحنة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً من النزاع في سوريا، وضمان عدم تسييس المساعدات الإنسانية أو صبّها في اتجاهات من شأنها مفاقمة الظروف الإنسانية الهشّة أصلاً.
وسيُناقش المجتمعون على هامش مؤتمر بروكسل بنسخته الثامنة، “إعادة دمج العائدين في شمال شرقي سوريا”، بتنظيم من وزارة الخارجية الأميركية.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الفائت، عن أجندة فعاليات المؤتمر، وقالت إن “نسخة المؤتمر هذا العام ستضاعف الجهود المبذولة للاستماع إلى الأصوات السورية في سوريا والمنطقة والشتات”.
وبحسب بيان أصدره الاتحاد الأوروبي، فإن نحو 800 مشارك سيحضرون المؤتمر.
تأثر أكثر من 5 ملايين شخص
وأثر القصف التركي غير القانوني على مناطق شمال وشرق سوريا نهاية 2023 ومطلع 2024 على حياة أكثر من خمسة ملايين شخص من السكان الأصليين للمنطقة، ومنهم العرب والكرد والآشوريين السريان، إضافة إلى نحو مليون نازح داخلي، وأدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية القائمة، وتضرر 80% من مرافق الطاقة بشكل كامل، حيث انخفض إنتاج الوقود والكهرباء انخفاضاً كبيراً، بينما توقف إنتاج غاز الطهي نهائياً، وارتفع سعر الغاز “المستورد” خمسة عشر ضعفاً، في وقت كان فيه السكان، يعتمدون بشكل متزايد على الوقود والغاز لمواجهة نقص الكهرباء، وهو ما خلق تأثيراً مضاعفاً وخاصّاً على النساء والفتيات وكبار السنّ.
“خيبة أمل”
ونوّه صالح: “فضلاً عن تدهور الخدمات العامة في مختلف القطاعات، فإنّ أزمة المياه لا تزال مستمرّة، حيث أنّ تسييس ملفّ المياه يخيّم على القضية، حيث شهدت مياه “محطة علوك” أكثر من 20 انقطاعاً، استمرت أحياناً لأشهر، منذ مطلع عام 2023، ما حرم أكثر من نصف مليون شخص بمن فيهم قاطنو المخيّمات من نازحين قسرياً ولاجئين من حقهم في الحصول على مياه كافية وصالحة للشرب”.
وأشار المدير التنفيذي إلى أن تقليص حصّة سوريا من مياه نهر الفرات ونصب السدود من جهة تركيا على مختلف الأنهار، أدى إلى تأثر حياة أكثر من خمسة ملايين شخص، بمن فيهم النساء.
“ورغم السخاء الذي تعرضه بعض الدول المانحة منذ انعقاد أول مؤتمر للمانحين لسوريا، إلا أنّ النسخ السابقة من المؤتمر شهدت تهميشاً مُؤسفاً ومُستغرباً لشمال شرق البلاد”، وقد وجهت 107 منظمات سورية، العام الفائت، رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، أعربت فيها عن خيبة أملها من تجاهل قضايا محلّية أساسية وتهميش مناطق ومجتمعات شمال شرق سوريا خلال مؤتمر بروكسل السابع 2023، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى تبني مقاربة أكثر شمولية للقضايا في سوريا، بحسب صالح.