“فوضى السلاح وانعدام الأمان في نبع السلام”.. أكثر من 20 اقتتال في المناطق المحتلة
في تقرير نشرته رابطة “تآزر” للضحايا تحت عنوان فوضى السلاح وانعدام الأمان في نبع السلام، وثّقت الرابطة خلال النصف الأول من عام 2022، نشوب 23 حالة اقتتال/ اشتباك داخلي بين الفصائل الموالية للاحتلال التركي في منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض.
وأدّت حالات الاقتتال وفقاً للتقرير إلى مقتل مدني وإصابة ثمانية آخرين، بينهم سيدة وطفل، فضلاً عن مقتل 19 عنصراً وإصابة 75 آخرين على الأقل، من مسلحي الفصائل التي تدعمها تركيا.
كما وثقت الرابطة، خلال الفترة ذاتها، حدوث أربع حالات قتل/ اغتيال نفذها مسلحون مجهولون، قُتل خلالها عنصران من الفصائل الموالية للاحتلال التركي ومدنيان، بينهما صائغ مجوهرات قُتل بداعي السرقة.
إضافةً لحادثتان لمحاولة قتل ،أصيب خلالهما 3 عناصر من فصائل موالية لتركيا بالإضافة إلى توثيق حادثة واحدة تمَّ خلالها إطلاق النار بشكل مباشر من قبل مجموعة مُسلحة تتبع لـ “فرقة الحمزة” على تجمع للمدنيين، ما أدى إلى إصابة طفل بجروح.
أسباب الاقتتال والفصائل المشاركة؟
بيّنت المعلومات التي نشرتها “تآزر” أن حالات الاقتتال بين فصائل موالية للاحتلال التركي تعود لأسباب عدّة، تتمحور أغلبها حول خلافات على السلطة والنفوذ، وإدارة تجارة المخدرات، وتهريب البشر بين سوريا وتركيا، وتندلع مواجهات أخرى نتيجة نزاعات فردية تتطور في بعض الحالات لتصبح مواجهات عسكرية واسعة، كما تسهم “العصبية القبائلية/العشائرية” في تطور بعض الخلافات بين مقاتلي الفصائل إلى مواجهات واسعة وفقاً للتقرير.
وكانت فرقة “الحمزة” أكثر الفصائل مشاركةً في الاشتباكات الداخلية في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، حيث كانت طرفاً في 16 اقتتال، تلاها تجمع “أحرار الشرقية” الذي شارك في 7 اشتباكات، ومن ثم “الفرقة 20” في 6 اشتباكات، “لشرطة العسكرية” بواقع 5 مشاركات في حالات الاقتتال.
ووفقاً للتقرير فأنه في أحيان عدة لم تكن الاشتباكات تندلع بين فصيلان مسلحان مختلفان فقط، كما هو متوقع، فقد نشبت ثمانية اشتباكات على الأقل بين مجموعات مسلحة ضمن الفصيل ذاته.
وبحسب “تآزر” جرت جميع حالات الاقتتال الداخلي بين الفصائل الموالية لتركيا في منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، في مناطق مأهولة بالسكان، كالأسواق العامة والأحياء السكنية والقرى، وفي حالات أخرى على حواجز طرقية يمّر عبرها المدنيون في المنطقة، فضلاً عن توثيق حالات قتل واغتيال وإطلاق النار ضمن البلدات والقرى.
توصيات الرابطة:
وفقاً لتقرير رابطة تآزر، فشلت تركيا في تحمل مسؤولياتها ولم تتخذ أي إجراءات حقيقية لضمان حماية المدنيين، وغضت البصر عن حالات الاقتتال الداخلي بين الفصائل.
وجاء في التقرير: “السلطات التركية تتحكم بهذه المناطق فعلياً لم تتدخل لوقف تلك الحوادث، إلا في مرة واحدة تزامنت مع تواجد مسؤولين أتراك في المنطقة، ولم تحاسب عناصر الفصائل الذين تسببوا بمقتل مدنيين أو جرحهم، كما لم تفرض على أي فصيل تعويض الأضرار المادية التي تسبب بها خلال الاشتباك”.
ونشرت الرابطة توصيات عدة جاءت على النحو الآتي:
- يجب على السلطات التركية تحمل مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال
- يجب على الحكومة التركية الالتزام بالاتفاق الأمريكي- التركي، وبالأخص البندين الرابع والسابع منه، ذلك عبر التزامهما بدعم الحياة الإنسانية وحقوق الإنسان وحماية المجتمعات الدينية والعرقية، وضمان سلامة ورفاه السكان المقيمين في جميع المراكز السكانية الخاضعة لسيطرتها.
- أن تبذل تركيا أقصى جهدها لصون حقوق الإنسان الأساسية في المناطق التي تحتلها
- يجب على الحكومة السورية المؤقتة وقبلها الحكومة التركية كسلطة احتلال ضمان حق جميع الضحايا في المناطق المحتلة من الوصول إلى العدالة
- يجب على الفصائل الموالية لتركيا وعملاً بموجبات القانون الدولي الإنساني، ألا تقيم مقراتها ومواقع تواجدها العسكري داخل المدن أو بالقرب من أماكن سكن وتجمع المدنيين.
“المنطقة الآمنة” السمة الأبرز فيها “فوضى السلاح وانعدام الأمان”
وكانت تركيا قد بدات في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2019 عملية عسكرية، اطلقت عليها اسم “نبع السلام” على شمال شرقي سوريا، وبررت عمليتها بأنها ستنشئ “منطقة آمنة” لحماية “أمنها القومي وإحلال السلام والأمان في المنطقة”، لكن خلافاً لما روّجت له تركيا، ووفقاً لتقرير رابطة تآزر فإن فوضى السلاح وانعدام الأمان والاستقرار هما السمة الأبرز لواقع الحال في منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، رغم مضي أكثر من عامين ونصف على احتلالهما.
من جانب آخر، تعاني مناطق النفوذ التركي في شمال سوريا، بما في ذلك منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، وفقاً للتقرير، فوضى في انتشار السلاح واستخدامه بين المدنيين، دون وجود رقابة أو ترخيص.
وتحتفظ تركيا وفقاً للرابطة بوجود عسكري مستمر فيها، مع فرض القانون التركي وإدارة المدارس والوظائف العامة الأخرى,
وأضاف التقرير “تتعامل تركيا مع هذه المناطق التي تحتلها كجزء من بلادها، وعلى سبيل المثال، فإن مدينتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض المحتلتان، تتبعان من الناحية الخدمية والإدارية إلى ولاية/محافظة شانلي أورفا التركية”.
وأشار التقرير أن القوات المسلحة التركية لا تزال في هذه المناطق وأنشأت لها قواعد عسكرية ونقاط تفتيش.
خرق لبنود الاتفاق و”المنطقة الآمنة ليست آمنة”
وذكرت الرابطة أن حالة فوضى السلاح وانعدام الأمان التي تشهدها تلك المناطق، تشير إلى خرق تركيا لبنود اتفاقية “وقف إطلاق النار” في شمال شرق سوريا، التي تمَّ الإعلان عنها بين الحكومتين التركية والأمريكية، بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
وتطرق التقرير إلى البند الرابع من الاتفاقية التي تضمنت 13 بنداً، والذي أكد فيه البلدان التزامهما بدعم الحياة الإنسانية وحقوق الإنسان وحماية المجتمعات الدينية والعرقية.
كما تطرق التقرير للبند السابع من الاتفاقية إذ “أعرب الجانب التركي عن التزامه بضمان سلامة ورفاه السكان المقيمين في جميع المراكز السكانية في المنطقة الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية، وأكد مجدداً انه سيتم بذل أقصى درجات الحذرمن أجل عدم إلحاق الضرر بالمدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وقال التقرير “فشلت تركيا في تحمل مسؤولياتها، كسلطة احتلال، بالحفاظ على سلامة وأمن السكان المدنيين المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فكثرة وتجدد حالات الاقتتال الداخلي، مع تفشي ظاهرة انتشار السلاح واستخدامه بين المدنيين، تؤكد أن المنطقة الممتدة بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، التي تطلق عليها تركيا تسمية المنطقة الآمنة، ليست آمنة البتّة، كما تتعرض فيها حياة المدنيين للخطر، خلافاً للبند السابع من الاتفاق الأمريكي-التركي”.