“الموت أسهل من دخول المستشفى”.. أرقام فلكية للمشافي الخاصة في دمشق
بكل حرقة حدّثنا محمد.س عن حالة ابنته عندما أسعفها إلى إحدى مستشفيات دمشق الخاصة، عندما أصيبت ابنته بمرض السحايا، وقال: “أسعفت ابنتي إلى مشفى هشام سنان وكان يجب عليّ دفع مليون ونصف كل يوم ما بين إيجار الغرفة وتكلفة الإبر، وفي يوم لم أستطع الدفع وكانت حالتها صعبة جداً، ورغم كل ذلك أخبرتني إدارة المستشفى أنّني إذا لم أدفع فلن يبقوها، بالمقابل أشار الطبيب أنّني إذا أخرجت ابنتي ستسوء حالتها، لم أعرف ماذا أفعل فالمبلغ ليسَ بقليل، واضطررت لاستدانة المبلغ المتبقي للمستشفى وقد بلغت التكلفة قرابة 15 مليوناَ”
“الموت أسهل من دخول المستشفى“
تشهد المشافي الخاصة في دمشق ارتفاعاً جنونياً في أجور الخدمات الطبية والعناية المشددة، وتتراوح تكلفة الليلة الواحدة ما بين 3 ملايين إلى 5 ملايين ليرة سورية، وهذا لا يتضمن دون أجور التحاليل الطبية والأدوية، والتي تقدر بمئات الآلاف وتكاد تكون مقطوعة، ما يقابلها أزمة اقتصادية خانقة وارتفاع في الأسعار ورواتب متدنية.
يقول الطبيب أسامة “اسم مستعار” لمنصة مجهر: “تكاليف العمليات تتراوح بين المليون حتى الـ 100 مليون ليرة سوري، هي مقابل الخدمات الطبيّة وليس خدمات الإقامة والتمريض، فخدمات الإقامة والخدمات التمريضية ثابتة تقريباً، أما الاختلاف فهو بماهيّة الخدمات المقدمة ضمن غرفة العمليات أو العناية المركزة، فلكل عملية أجرها”
وأضاف: “مريض قصور القلب وتبديل الصمام يختلف عن مريض استئصال اللوز فرضاً، فالتكلفة تحددها العملية واحتياجاتها”
كذلك بيّن أسامة حول استقبال المرضى: “ببعض الأحيان المشافي لا تستقبل المريض مهما كانت الحالة إسعافية وخطيرة قبل ما تسدد الرسوم كاملة، وحتى لو اتدخل الدكتور كرمال المريض أو كرمال المهنة الإنسانية إلا أنّ إدارة المشفى ما بتقبل،لأن ليس له حق فهو موظف يتقاضى نسبة أو راتب”
وفيما يتعلق بالإسعاف، فهناك قرار رقمه 24 صدر في عام 2007، جاء فيه أن الإسعاف في المشافي الخاصة حق متاح ومجاني لجميع المواطنين ولا يحق لتلك المشافي الامتناع عن قبول الحالات الإسعافية بحجة عدم دفع التكاليف، ولكن المشافي الخاصة اليوم لا تلتزم بهذا القرار، كحال باقي القرارات التي تخص حياة الإنسان وخاصة الأخطاء الطبية.
استثمار خاص!
يقول عمار. ص وهو مهندس معماري: “أجريت عملية للأوعية في قدمي عندما أصبت بنزيف داخلي في مشفى خاص، فالتعامل كان جيداَ والأطباء أيضاً، واضطررت إلى اختيار الخاص كونها من ناحية النظافة والاهتمام أفضل، اهتمامهم أفضل من حيث نظافة الغرف والعناية الطبية التي تختلف عن العامة بالإضافة إلى الغذاء والمتابعة الطبية”
المشافي الخاصة اليوم تعتبرُ بلاء يصيب السوريين باختلاف مكوناتهم، أما بالنسبة للفقير فهو قد نسيَ بالفعل كيف تكون المستشفى وبات الاستطباب رفاهية لا يملكها، بل ليس جزءاً أساسياً حتى، وبحسب أحد المسؤولين فقد أشار أنّ المواطن لا يشتكي من الأجور الغالية، فعلى المواطن أن يشتكي وبدورها وزارة الصحة تطبق القوانين والإجراءات اللازمة بحق أي مستشفى لا تلتزم، ولكن تختلف التصريحات من مسؤول إلى آخر فبعضهم يرجع ارتفاع التكاليف إلى ارتفاع أسعار الأدوية والحصار الاقتصادي.
من جهة أخرى، أكد مرافق أحد المرضى أنّ أسعار الأدوية وأجور التحاليل داخل المستشفى الخاص أعلى من الصيدليات والمراكز الخارجية المختصة، بالإضافة إلى أنّه يجب تسديد كفالة عند دخولك المستشفى وأجور سرير في جناح العناية المشددة إضافة إلى أجرة الطبيب المشرف، فالمشافي الخاصة لا تلتزم بأي معيار، أو لائحة تسعير.
تكاليف باهظة تدفع ثمنها مالاً أو حياتك، فمن يوقف الأجور الخيالية للمستشفيات الخاصة في سورية، وسط الانحدار الاقتصادي واتساع الفجوة ما بين المستشفيات الخاصة والعامة.