الحرائق..كابوس على رؤوس النازحين في مخيمات إدلب
مريم الغريب– إدلب
تتزايد الحرائق في إدلب خلال فصل الشتاء، وخاصة في مخيمات النزوح، جرّاء استخدام وسائل التدفئة البديلة، إلى جانب تلاصق الخيم المصنوعة من القماش أو النايلون ببعضها، وضعف الخدمات، وغياب الاستجابة لاحتياجات النازحين.
“فائزة الخلف/ 32 عاماً”، نازحة من مدينة “سراقب” إلى مخيم عشوائي في بلدة “كفرعرّوق” شمالي إدلب، أصيبت مع أولادها الثلاثة بحروق متفاوتة الخطورة إثر اشتعال النيران في خيمتهم، وعن ذلك قالت لمنصة “مجهر”: “يدفعنا غلاء أسعار المحروقات لجمع أكياس النايلون وشراء الأحذية والملابس المهترئة بهدف حرقها في المدفأة خلال فصل الشتاء، وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي كنت أحاول إشعال المدفأة، فسكبت داخلها قليلاً من المازوت، ما أدى إلى وصول النار إلى زجاجة المازوت التي أمسكها في يدي، وسرعان ما اشتعلت جدران الخيمة القماشية عندما رميتها من يدي”.
وأوضحت أنها قامت بداية بإجلاء أولادها خارج الخيمة رغم اندلاع النيران في كافة أنحائها، التي سرعان ما تحولت إلى رماد مع محتوياتها.
من جهتها “سميحة الدّاني/ 41 عاماً”أيضاً نازحة من ريف “معرة النعمان” الشرقي إلى مخيم “العطاء” شمالي إدلب، فقد تمكنت من السيطرة على النار التي اندلعت في خيمتها، وعن ذلك تحدثت قائلة: “أستخدم في الطهي موقداً مصنوعاً من الطين، وكنت أعد طعام الغداء بجانب الخيمة، حين هبت الرياح وساعدت في وصول النار إلى الخيمة”.
وتشير “الدّاني” أن الخيمة كانت مبللة بمياه الأمطار، كما استخدمت بطانية مبللة في السيطرة على النار، وبذلك تمكنت من إخمادها قبل أن تمتد إلى الخيمة بأكملها.
أما “وليد العبود/ 43 عاماً” النازح من ريف حماة إلى مخيم “معرة مصرين” شمالي إدلب، فقد ابنته الرضيعة باحتراق خيمته، فيما أصيبت زوجته وابنه بحروق، وعن ذلك تحدث قائلاً: “كنت في العمل حين احترقت الخيمة جراء اشتعال النار في المدفأة، وسرعان ما امتدت النيران إلى الخيمة، فقام الجيران بإجلاء أولادي الثلاثة، دون أن يتمكنوا من إنقاذ طفلتي الصغيرة التي تبلغ من العمر ستة أشهر”.
ويشير أن زوجته حاولت أن تنقذ الطفلة، لكن محاولتها باءت بالفشل وتعرضت هي الأخرى لحروق جسيمة.
ويضيف وعلامات الحزن بادية على وجهه: “لقد أصبح الموت يلاحقنا في كل مكان، ويهدد صغارنا ويخطف أرواحهم البريئة”.
من جهته مدير مخيم “حربنوش”، “عبد الله الأسعد/ 50 عاماً” تحدث عن الحرائق ضمن المخيمات بالقول: “تتنوع أسباب الحرائق في المخيم، لكن أغلبها يكون بسبب وسائل التدفئة التي تعمل على الحطب أو الفحم أو المواد البلاستيكية، والتي تتسبب عادة بحدوث وفيات وحالات اختناق، أو نتيجة الطهي داخل الخيم لغياب أماكن مخصصة للطبخ، في ظل ضعف الخدمات في المخيمات واكتظاظها بالنازحين”.
ويلفت “الأسعد” أن الخيام المبنية من القماش والبلاستيك سريعة الاشتعال،وأي شرارة صغيرة يمكن أن تؤدي إلىحدوث كارثة يصعب السيطرة عليه، فضلاً عن غياب إجراءات السلامة والوعي التي تلعب دوراً كبيراً في أغلب الحرائق”.
وينصح “الأسعد” بإقامة حملات توعية وتدريب المدنيين في مناطق ومخيمات النازحين، بهدف التخفيف من نسب الحرائق التي ازدادت خلال فصل الشتاء، وتقليل أضرارها عليهم.
وبحسب بيان لفريق “منسقي استجابة سوريا”؛ سجلت مناطق شمال غربي سوريا العديد من حالات الحرائق والاختناق نتيجة استخدام مواد التدفئة غير الصالحة للاستخدام، حيث تم تسجيل ثلاث وفيات نتيجة الاختناق بانبعاثات المدفأة في مخيمات “أطمة” شمالي إدلب، وإصابة طفلة نتيجة اختناق بانبعاثات التدفئة أيضاً ضمن أحد المنازل في إحدى قرى جبل الزاوية جنوب إدلب، فضلاً عن تسجيل ثلاث حرائق ضمن المخيمات، تسببت بإصابة اثنين من المدنيين بينهم امرأة.
وأكد البيان وصول عدد الحرائق منذ مطلع العام الحالي إلى /17/ حريقاً، أدت إلى احتراق أكثر من /7/ منازل و/10/ مخيمات،و/12/ خيمة.
وأشار الفريق أن انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، واعتماد النازحين على وسائل التدفئة البدائية غير الصالحة للاستخدام داخل المخيمات، والاعتماد على مواقد الطهي داخل الخيم، يزيد من خطورة اشتعال الخيم بشكل أكبر، وخاصةً أن 90% من العائلات النازحة تعتمد على مواد تدفئة غير صالحة (مواد بلاستيكية، نفايات)داخل الخيم، وسط انعدام وجود أماكن آمنة نسبياً للحد من الحرائق، مع توقع بزيادة وتيرة الحرائق ضمن المخيمات خلال الفترة القادمة نتيجة انخفاض درجات الحرارة بشكل مستمر.
كما يعتبر استخدام الخيم القماشية أحد أبرز أسباب انتشار الحرائق داخل الخيم، وعدم توفر العوازل، حيث يبلغ عدد المخيمات التي تغيب عنها العوازل اللازمة للوقاية من الحرارة أو الحرائق إلى أكثر من 98 % من المخيمات.
وناشد البيان المنظمات الإنسانية العاملة في محافظة إدلب وريفها، للعمل على تحسين الوضع الإنساني للمدنيين في المنطقة، والنازحين في المخيمات، وتأمين المستلزمات الضرورية لمنع تكرار تلك الحرائق أو انتشارها، كما طالبت بإنشاء نقاط إطفاء ضمن التجمعات الأساسية والكبرى في المخيمات،تضم عناصر متدربين على التعامل مع الحرائق، لتلافي وقوع ضحايا.
تتكرر الإصابات والوفيات بسبب الحرائق في مخيمات النازحين بإدلب، في ظل انخفاض درجات الحرارة، واضطرار الأهالي لاستخدام مواد خطرة للتدفئة، وسط غياب إجراءات السلامة، وخطورة الخيم القماشية سريعة الاشتعال.