في حلب.. أزمة المحروقات تشلّ حركة المواصلات
حلب – مجهر
يقطع محمد وقاف (33 عاماً) مسافة لا تقل عن 5 كيلومترات سيراً على الأقدام من مكان سكنه في حي الأعظمية إلى مكان عمله في حي الاسماعلية وسط مدينة حلب، إذ يحث “وقاف” الخطى يومياً عابراً بالكثير من الطرقات والشوارع للحاق بوظيفته.
وتجنباً للتأخير والتعرض للعقوبة والخصم المالي، يضطر لمغادرة منزله عند السابعة صباحاً للوصول في الساعة الثامنة إلى مقر البلدية حيث يعمل.
يواجه “الموظف الحكومي” المعاناة ذاتها عند انتهاء دوامه، فلا يجد من خيار سوى المشي من مكان عمله للمنزل في ظل أزمة المواصلات الخانقة التي تعيشها مدينة حلب بسبب افتقادها للمحروقات.
يقول “وقاف” لمنصة مجهر : “أحياناً يحالفني الحظ وأستطيع أن أضع قدماي وأحشر نفسي بالزحام الشديد وسط حافلة النقل العام القادمة الى مكان عملي أو الذاهبة إلى الحي الذي أقطنه”.
بينما الحظ لا يحالفه مرات كثيرة، مع بلوغ الازدحام ذروتها في الفترة الصباحية قبيل بدء الدوام الرسمي وما بعد الظهيرة أثناء انتهاء دوام الجامعات والمؤسسات.
أما حسين العيسى، وهو طالب كلية الآداب في جامعة حلب، يقول لـ مجهر: “وسائط النقل العام إن وجدت تكون ممتلئة بشكل لا يصدق وأجور التكاسي أسعارها خيالية. استقلال سيارة خصوصية لنفس المسافة التي أمشيها يومياً يكلفني دفع مبلغ 10 آلاف ليرة على الأقل، وهذا مبلغ كبير بالنسبة لطالب أثقلت تكاليف الدراسة كاهله”.
اشتدت أزمة المحروقات مؤخراً في محافظة حلب، بشكل كبير مع فقدان مادتي البنزين والمازوت في أغلب محطات الوقود في المدينة.
وتقدم محروقات “النظام السوري” مخصصات سائقي وسائل النقل من مادة المازوت تقدر بـ 10 لترات يومياً وبسعر 650 ليرة سورية.
هذه المخصصات غير كافية لسيارة تجوب الشوارع وسط الزحام وتقل مئات الركاب يومياً، حسب سائقين.
الكثير من السائقين يلجؤون لشراء المازوت من “السوق السوداء” بسعر يبلغ 4000 آلاف ليرة سورية، فيما يعتمد البعض على بيع مخصصاتهم من المازوت “على مبدأ تحقيق ربح مادي دون مجهود بنقل الركاب” وفقاً لما قاله سائقين على خط حلب الجديدة.
زين الدين الصغير (40 عاماً) من أهالي حي الحمدانية ويعمل بمحل لبيع المفروشات في حي بستان القصر، يدفع يومياً ما لا يقل عن 15 ألف ليرة أجور للمواصلات للوصول إلى مكان عمله.
يقول الرجل الأربعيني: “لا خيار لدي للوصول إلى محلي سوى استقلال تكسي أجرة نظراً لانعدام الحافلات الكبيرة والصغيرة وغيابها الغير مبرر”.
فيما رفع سائقو التكاسي العمومية أجورهم في الآونة الأخيرة، مبررين ذلك باضطرارهم لشراء “البنزين” من السوق السوداء بسعر يصل أحياناً لـ 6 آلاف ليرة سورية.
ارتفاع الأسعار يضع السائق في مواجهة يومية مع كل من يستقل التكاسي بسبب ارتفاع الأجور، وفق سائقين التقى مراسل “مجهر” في حلب معهم.
ويُشار إلى أن البنزين يباع من قبل “محروقات النظام” بسعر 1100 ليرة، رغم أنها خاضعة لـ “نظام الرسائل” التي ترسلها شركة سادكوب عبر تطبيق “البطاقة الذكية”.
وتتيح “البطاقة الذكية” كمية 25 لتر كل 7 أيام وأحياناً كل عشرة أيام.
تسببت أزمة المحروقات في حلب، مؤخراً، بشللٍ شبه كامل لوسائل المواصلات، وسط عزوف أغلبية السائقين عن العمل فيما أطلقت حكومة الأسد العديد من الوعود بإنهاء الأزمة القائمة والمستمرة منذ أشهر، لكن تلك الوعود لم تجد طريقها للتنفيذ، حتى الآن.
إعداد: سامر العقّاد