أطفال مخيمات إدلب يعانون من أمراض سوء التغذية والتقزم
تنتشر أمراض سوء التغذية والتقزم بين الأطفال في إدلب نتيجة الأزمة الإنسانية التي خلقتها سنوات الحرب الطويلة، والتي فاقمت انعدام الأمن الغذائي، وخاصة لدى العائلات النازحة التي تجد صعوبة كبيرة في الحصول على احتياجاتها من المواد الغذائية الصحية، بسبب الفقر والغلاء وشح فرص العمل.
تعاني الطفلة “مروة الصالح/ 8 سنوات”،والنازحة من مدينة “سراقب” إلى مخيم عشوائي شمالي إدلب، من تأخُّرٍ في النمو، فهي في الصف الثاني الأساسي، لكنها تبدو أصغر من عمرهابكثير. وبعد تشخيص حالتها تبين أنها مصابة بمرض “التقزّم”، وعن ذلك تتحدث والدتها بالقول: “تعاني ابنتي من قصر القامة وهزال شديد وتأخر في النمو، وذلك بسبب عدم حصولها على حقها الكافي من الغذاء الصحي”.
تعزو “أم ابراهيم” حالة ابنتها إلى الفقر والغلاء، وعن ذلك تضيف: “منذ سنتين نعيش أوضاعاً صعبة في هذا المخيم، ونعتمد في غذائنا خلال معظم الأيام على المساعدات الإنسانية التي يتم توزيعها من قبل المنظمات الإنسانية، لأن زوجي عامل مياوم، بالكاد يؤمن لنا الخبز يومياً وبعض الاحتياجات الضرورية”.
وتسوء أوضاع الأطفال المُصابين بأمراض سوء التغذية في المخيمات بشكل خاص، نتيجة بُعدِ المراكز الصحية وغلاء أسعار الأدوية التي تمنع الكثير من الأسر عن علاج أطفالهم.
“أمية العوض/ 26 عاماً”، وهي أيضاً نازحة من “معرة النعمان” إلى مخيم في بلدة “كفربني” شمالي إدلب، يعاني ولدها البالغ من العمر سنة وتسعة أشهر من سوء التغذية، دون أن تتمكن من توفير العلاج المناسب له، وعن سبب ذلك تقول: “يعتمد طفلي في غذائه على النشاء المطبوخ مع قليل من السكر، فلا قدرة لنا على شراء الحليب، والرضاعة الطبيعية لا تكفيه، الأمر الذي سبب له سوءاً في التغذية، فهو هزيل وفاقد للحيوية والنشاط بشكل دائم”.
وتضيف “العوض”: “زرت مركز الرعاية الصحية الموجود في البلدة، فتم منح طفلي بعض المقوّيات، لم يستفد منها بأي شيء، وعند زيارة طبيب مختص طلب مني إجراء تحاليل هرمونية له، وشدَّد على ضرورة شراء الأدوية له باستمرار، واتباع نظام صحي متكامل”، مؤكدة أن زوجها مُصابُ حَربٍ وعاجزٌ عن العمل، لذا فهي عاجزة عن تأمين الأدوية لولدها.
كما يعتبر عجز الأمهات الحوامل عن الحصول على الرعاية والمكمّلات الغذائية الضرورية أثناء فترة الحمل من أسباب انتشار أمراض سوء التغذية في إدلب، فضلاً عن ارتفاع أجرة معاينة الأطباء إلى جانب غلاء أسعار الأدوية، مما يؤثر على صحة الأم والجنين، على حد سواء.
“جميلة الحسين/ 31 عاماً”، نازحة من بلدة “التمانعة” إلى مخيم “الدانا” بريف إدلب الشمالي تقول لمنصة “مجهر”: “تجاوز عمر ابنتي ثلاث سنوات وهي غير قادرة على المشي حتى الآن”.
وتضيف: “لم أتلقَّ الغذاء اللازم أثناء فترة حملي بابنتي، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بمرض سوء التغذية، فهي تعاني منذ ولادتها من هزال وتأخر في النمو”.
وتؤكد “الحسين” أن معظم النساء الحوامل في المخيم يشكين من الانتظار لساعات للوصول إلى الطبيبة النسائية في مركز الرعاية الأولية في مدينة “الدانا”، فإلى جانب طول الطريق وعدم توفر وسائل النقل؛ على المرأة أن تنتظر مدة طويلة للوصول إلى دورها في المعاينة، إلى جانب غلاء أسعار الأدوية والمكمّلات الغذائية.
وتبين “الحسين” أن ابنها البالغ خمس سنوات من العمر ليس أفضل حالاً، فهو قصير القامة وضعيف البنية، مؤكدة أن كل من يشاهده يعتقد أنه لم يتجاوز السنتين من عمره.
من جهته طبيب الأطفال “مروان الصطّوف 44 عاماً” من مدينة إدلب يتحدث لـ”مجهر” عن أمراض سوء التغذية بقوله: “ترتفع معدّلات سوء التغذية بين الأطفال والرضع في إدلب، وتظهر من خلال التقزّم أو الهزال ونقص الوزن وعَوَزُ الفيتامينات والمعادن، فلا يمرّ يوم دون أن يراجع عيادتي حالة أو حالتان لأطفال مصابين بسوء التغذية، فأقوم بتحويل الحالات الحادة والمزمنة التي تتطلب متابعة إلى المستشفيات، أما الحالات المتوسطة فأصف لهم الأدوية والمكمّلات الغذائية”.
ويؤكد الطبيب أن صحة الطفل مرتبطة بشكل كبير بتغذية الأم خلال فترة الحمل، فالحامل بحاجة إلى برنامج غذائي متوازن، وسوء التغذية خلال فترة الحمل يؤدي إلى مشكلات صحية لدى الجنين.
ويشير الطبيب إلى أن لمرض سوء التغذية العديد من المضاعفات الخطيرة، منها الإصابة بفقر الدم أو انحناء العمود الفقري أو هشاشة العظام.
على وقع النزوح والغلاء؛ يزداد انتشار أمراض سوء التغذية بين الأطفال في إدلب، ويقزّم نموهم نتيجة ﻋﺪﻡ ﺣﺼﻮلهم ﻋﻠﻰ القدر الكافي ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ الغذائية ﺍلضرورية لنمو أجسادهم.