الكوميديا تختفي من الدراما السورية
قدمت الدراما السورية على مدار سنوات أعمالاً مهمة متنوعة بين الشامي والكوميدي والاجتماعي، وكانت هذه الأعمال بمثابة كرت عبور للسوريين لكل المشاهدين في الوطن العربي، لِما للقصص المطروحة من واقعية وحتى كوميدية لطيفة، ولعل الأعمال الأبرز التي انتشرت في فترة التسعينات كانت الكوميدية لا سيما “سلسلة عائلات النجوم، جميل وهناء، مرايا، بقعة ضوء” وغيرها الكثير، لكن مع تقدم السنوات باتت صناعة الأعمال الكوميدية هزيلة وضحلة وتفتقر للنوعية فما هي الأسباب الداعية لذلك؟
نقص الكتّاب:
لا يتجاوز كتاب الكوميديا السوريين المرموقين الذين استطاعوا صنع حالة مستمرة من الأعمال الكوميدية التي غزت السوق الدرامي خمسة كتّاب ربما، فإذا استثنينا مشروع مرايا للقدير ياسر العظمة، ومسلسل دنيا للنجمة أمل عرفة، وبعض التجارب الفردية الأخرى مثل تجربة رافي وهبي في عالمكشوف ولوحات بقعة ضوء التي قدمها كتّاب مختلفين، فإننا لن نجد سوى الدكتور ممدوح حمادة والكاتب مازن طه اللذَين قدما مسلسلات مهمة على هذا الصعيد، فسلسلة النجوم ومسلسلي الخربة وضيعة ضايعة الذي قدمهم حمادة كانوا الأبرز في تقديم صورة مميزة لكوميديا سورية ناجحة ذات إسقاطات سياسية واجتماعية مهمة، كذلك فعل الكاتب مازن طه الذي بدأ بسلسلة مرايا ثم قدم مجموعة مسلسلات منها كراميل وجوليا، لذا فإن نقص الكتّاب السوريين بمجال الكوميديا ساهم بشكل واضح في نقص هذا النوع من الأعمال
نجوم مكررون:
تعاني الدراما السورية بالعموم من تنميط مستمر لا سيما للممثلين، وخصوصاً في مجال الكوميديا، وإن فكّرَ مخرج أو منتج ما في أن يقدم مسلسلاً كوميدياً سيخطر بباله أسماء نجوم معينين مثل أيمن رضا، باسم ياخور، أمل عرفة، شكران مرتجى، سامية الجزائري.
ورغم براعة هؤلاء النجوم في تقديم هذا النوع من المسلسلات إلا أن المنتجين يخافون من انتقاء ممثلين آخرين يقومون بلعب أدوار كوميدية خوفاً من فشلهم وحتى الفنان السوري المُقِلّ في الكوميديا يخشى أن يدخل هذه المعمعة لأنه يعلم ضمنياً أن الكوميديا لعبة خطرة فإما أن ينجح أو يسقط ولا مجال للحلول الوسطية في هذا المضمار
إنتاج خائف، أو رديء!:
مع غياب كتّاب متمرسين بالكوميديا وعدم شجاعة شركات الإنتاج في إنتاج أعمال كوميدية ثقيلة اتجهت بعض الشركات الجديدة والممثلين الجدد لتقديم كوميديا بإنتاج متواضع وأفكار سطحية، فطغى على الساحة مسلسلات هشة مبتذلة لا سيما مسلسلات فادي غازي أو تجارب أخرى ضعيفة مثل قرار وزير الذي عُرض هذا العام، ومع غياب مرايا لياسر العظمة استمر بقعة ضوء بأجزائه ليصل إلى الجزء الخامس عشر لكنه لم يحقق محتوى مهماً أو يقدم أفكاراً مميزة مع تراجع واضح للنصوص بسبب الاعتماد على أشخاص غير كفوئين، من كتّاب ومخرجين، فتهلهلت السلسلة الكوميدية الأشهر وبقيت أقل من المتوقع.
التسويق:
من أهم العقبات التي تواجه المنتجين السوريين هي عملية التسويق لا سيما الأعمال الكوميدية، خصوصاً أن النصوص المطلوبة أو الرائجة اليوم هي للأعمال الشامية أو الأكشن، فلم يعد هناك مطلب من المحطات لتقديم عمل سوري كوميدي بعد أن هيمنت على الساحة أفكار الجرائم والقتل والعنف التي يحاول المنتجون والمحطات العربية تقليد منصة نتفلكس من خلالها من ناحية الأفكار وطبعاً دون جدوى، لذا بات العمل الكوميدي خيار أخير وفيه مغامرة كبيرة لأن تسويقه يتطلب مجهوداً مضاعفاً خصوصاً مع غياب القنوات السورية الخاصة والسوق المحلية القوية
تبدو الأعمال الكوميدية اليوم بمثابة منطقة خطرة يخشى الجميع دخولها لا سيما في سوريا لما فيها من عقبات متنوعة، فهل يستطيع المنتجون السوريون أن يخرجوا من هذه الدوامة ليتشجعوا ويقدموا مسلسلات كوميدية لائقة بالجمهور كما السابق ويستعيدوا أنفسهم من جديد خصوصاً بعد الانفتاح العربي مؤخراً على سوريا والذي يؤثر بشكل أو بآخر بالتبادل الفني والثقافي؟
إعداد التقرير: كاتيا الحسامي