“مدينة باسل الجامعية”.. عشرة طلاب في غرفة واحدة وتمييز بين طلاب الأفرع الأدبية والعلمية
“سارة” اسم مستعار لطالبة جامعية من محافظة حمص، وسط سوريا، استأجرت مع صديقاتها منزلاً في منطقة المزة 86 بمدينة دمشق لعدم قدرتها على تحمل العيش في السكن الجامعي (مدينة باسل الأسد الجامعية)، التي تشتهر بين الطلاب بسوء خدماتها وصعوبة الحياة فيها مؤخراً.
ويعتمد مبدأ توزيع الطلاب وعددهم ضمن الغرفة الواحدة، في وحدات السكن الجامعي على فرع الطالب الجامعي، إضافة لـ “الواسطة” التي يمتلكها وفقاً لـ “سارة”.
فكل (6 إلى 10) طلاب من كلية الآداب يقطنون غرفة واحدة، بينما طلاب كلية الطب والهندسة والصيدلة فكل اثنين إلى ثلاثة يقطنون غرفة واحدة.
“سارة” طالبة حمصية تدرس الفنون الجميلة في جامعة دمشق، تقول إنها كانت قد أمّنت بعد التواصل مع أحد معارفها غرفةً جيدةً في الوحدة السابعة في السكن الجامعي مع ثلاثةٍ من صديقاتها، لكنها تفاجأت العام التالي بأن فتاتين تملكان “واسطةً” على حد وصفها، أخذتا غرفتها ومُنِعت من التسجيل فيها لتنتقل إلى غرفة أسوأ مع 7 فتيات أخريات.
وأشارت إلى أن الغرفة التي كانت تقطنها كانت “مجاورة للحمامات وكانت الغرفة متاثرة بشكل كبير بالرطوبة، وأن الرائحة فيها كانت لا تطاق”.
وتضيف ” حاولت مراراً تغييرها أو إصلاحها دون جدوى، ولم أعد أتحمّل فاضطررت بعدها إلى الانتقال إلى منزلٍ مستأجر مع صديقاتي رغم سوء الأحوال الاقتصادية لكنني لم أعد أملك خياراً فالسكن الجامعي للواسطات “.
وتأسست المدينة الجامعية (السكن الجامعي) التابعة لجامعة دمشق في عام 1962 وتتألف في الوقت الحالي من 27 وحدة سكنية، ومن بين شروط السكن ضمنها أن يكون الطالب من مدينة تبعد جغرافياً 40 كم عن دمشق.
ويقطن المدينة الجامعية ما يزيد عن 30 ألف طالب وفقاً لمراسلة منصة مجهر، فيما تفتقر لوجود أي نقطة طبية، فيما يقطن الوحدات السكنية عدد يفوق الطاقة الاستيعابية أضعاف المرات.
وترى من جهتها تالا (اسم مستعار) لطالبة قسم الإعلام في جامعة دمشق، أن هناك “تمييز” بين طلاب الجامعات العلمية والأدبية ووصفت الأمر بالـ “غير منطقي”.
وقالت: “كل الجهات تفضّل طالب الطب على بقية الطلاب وكأننا طلاب درجةٍ ثانية أو عاشرة حتّى؛ تسكن طالبات الطب والصيدلة في الوحدة الثانية وتقطن كل طالبتين أو ثلاثة طالبات كحدٍ أعلى في الغرفة الواحدة بينما نحن في الوحدة المقابلة تماماً نقطن 8 أو 10 طالبات في الغرفة دون أي مبرر”.
وتضيف” إذا اقتنعنا بأن طالبات وطلاب الهندسات يحتاجون مساحات أكبر لمشاريعهم وأعمالهم، فهذا يعني أن على طلاب الفنون الجميلة والمعاهد الهندسية أن يتعاملوا بنفس القوانين فهم أيضاً يحتاجون لمساحات أكبر من أجل تصميم مشاريعهم، وأن نتعامل نحن وطلاب الطب نفس المعاملة كذلك”.
وترى تالا أن هذه المعاملة، تخلق لديهم “شعور الفشل”، وتقول: “يكفي أن تكون طالباً ينتمي للفرع الأدبي حتى يُشعرك المسؤولين عن السكن بأنه لا يحق لك حتى أخذ سريرٍ في السكن الجامعي، والطريقة الوحيدة التي تمكنك من التغلب على هذا الفصل بين طلاب الهندسات والطب وطلاب الآداب والمعاهد في السكن الجامعي هو امتلاكك واسطة قوية”.
وتصف بقولها “لو تملك واسطة، بيصير السكن كله تحت إيدك وبس اطلب”.
لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لطلاب الطب، رغم اعتقاد طلاب كلية الآداب أنهم يملكون امتيازات كثيرة.
فسكن الدراسات وهو عبارةٌ عن وحدتين سكنيتين منفصلتين “الوحدة رقم 18 والوحدة رقم 19” عن بقية السكن الجامعي مخصصتين لطلاب الطب “الذكور” من السنة الرابعة إلى السادسة بالإضافة إلى طلاب الطب الذين يكملون فترات اختصاصاتهم.
ويقول علي “اسم مستعار” لطالب في كلية الطب البشري- اختصاص تخدير بجامعة دمشق، لمنصة مجهر: ” كل وحدة سكنية في الدراسات عبارة عن كتلتين بنائيتين يتم ترميم حمامات الكتلة الأولى من كل وحدة منذ ما يقارب الـ 3 أعوام، وبسبب تحول الضغط كله على حمامات الكتلة الثانية تعطّلت معظمها وخرجت عن الخدمة والبقية في وضع مزري, بالإضافة إلى ذلك تم إغلاق مكتبة الدراسة في الوحدة 18 وتحويلها إلى مركز تمكين طلابي، والأسوأ هو عدم تشغيل موّلدات الكهرباء ومعاناتنا من التقنين النظامي، وعدم وجود مياه ساخنة للاستحمام إلا نادراً”.
ويزعم مدراء السكن والوحدات السكنية أنهم يعملون “ما بوسعهم لتأمين حياة أفضل للقاطنين ويبذلون قصارى جهدهم لتحسين الوضع العام”.
وقال مصدر إداري في السكن الجامعي لمراسلة مجهر (فضل عدم كشف هويته): “هذا كل شيء نستطيع فعله وعلى طلابنا التحلّي بالصبر فقد قطعنا شوطاً كبيراً ونحن نعمل معهم على الارتقاء بمستوى طلابنا العلمي ونجحنا بالصمود رغم كل الأزمات والآن أيضاً علينا أن نتكيف مع الموجود مع العمل على تحسينه طبعاً”.
وعلى الرغم من “كثرة” الوعود التي أطلقتها إدارة المدينة الجامعية في منطقة المزة، تستمر معاناة الطلبة في المدينة الجامعية من سوء الواقع الخدمي، في الحمامات، والمياه والكهرباء، وانتشار الأوساخ.
إعداد التقرير: أرونينا سعيد