الموبايل غير المجمرك في حلب.. مسؤولية تدفع صاحبه إلى السجن ودفع الغرامة المالية
بصعوبة بالغة وتحت خطر كبير؛ استطاع “أحمد عسّاف/ 27 عاماً”، اسم مستعار، شراء جهاز خليوي من حي “الشيخ مقصود” بحلب وإخراجه إلى حي “السريان”، حيث يقيم.
“أحمد” الذي فضَّلَ شراء موبايل غير مُجمرك؛ لم يكن أمامه من خيار سوى اللجوء للحي الخاضع لسيطرة الإدارة الذاتية بحلب؛ كون أسعار الهواتف الذكية في هذا الحي لا تخضع لِضريبة الجمركة العالية التي تفرضها الحكومة السورية.
يقول “أحمد” لمنصَّة “مجهر”: “اشتريتُ موبايل نوع شاومي نوت (11) برو بسعر /220/ دولاراً أمريكياً، أي حوالي مليون ونصف ليرة سورية، بينما سعره وهو مُجمرك في باقي المحلات في حلب مليونين و/200/ ألف ليرة سورية، أي أن الفارق مليون ليرة سورية”.
ويضيف: “قمت ببيع جهازي القديم واضطررت للاستدانة لكي أستطيع شراء الموبايل، طبعاً كان إخراجه عبر الحواجز الحكومية أمراً بالغ الخطورة، فلو تم ضبط الجهاز معي؛ سأُحال للسجن والتوقيف الأمني، بذريعة عدم دفع رسوم الجمركة، والتوقيف قد يستمر لأشهر، عدا عن دفع مبالغ مالية كبيرة كَغرامات، فَشراء موبايل غير معرّف جمركياً في مناطق الحكومة يعرّضك للسجن والغرامة”.
ويؤكد بقوله أيضاً: “لو كان السعر مناسباً في مَحال المُجمرك لما اضطررت لهذه المخاطرة، أنا أحترم القانون، ولكن هل القانون يحترم أوضاعنا المعيشية وحاجتنا؟”.
بدوره “عبد الغني خطيب/36 عاماً، وهو صاحب بيع مستلزمات الهواتف الذكية في حي “الجميلية” بحلب، يقول لمنصَّة “مجهر”: “الحكومة تفرض قيمة جمركية عالية على الموبايلات تتخطّى /30/ و/40/ بالمئة من قيمة الموبايل، فالحكومة تحقِّقُ أرباحاً تفوق ما تحققه الشركة المصنّعة”.
ويتابع بالقول: “طبعاً تم رفع القيمة الجمركية عدّة مرات، كان آخرها قبل أيام، حيث فوجئنا برفع قيمة جمركة الهواتف، دون إصدار بيان رسمي، فلديَّ زبون دفع مبلغ /6/ مليون و/340/ ألف ليرة سورية لقاء جمركة جهاز موبايل نوع “آيفون 12 برو ماكس”، بعد أن كانت جمركته سابقاً /500/ ألف ليرة سورية، ومن ثم ارتفعت إلى /3/ ملايين ونصف ليرة سورية”.
ويؤكد أنه “بسبب الأسعار الصادمة” لعمليات تعريف الموبايل على الشبكة السورية عبر دفع رسوم الجمركة، يلجأ الكثير من الأهالي، وخاصة الشبان، لعملية تعريف غير شرعية للجهاز على الشبكة بما يعرف بقلب شريحة imei/ الإيمي، وهي هوية الموبايل الدولية، وهذا طبعاً يعرّضهم للمساءلة القانونية بجريمة حمل أجهزة مهربة، وفقاً لـ”عبد الغني الخطيب”.
ويضيف صاحب بيع مستلزمات الهواتف الذكية: “طبعاً كل هذه المخاطرات التي يقوم بها هؤلاء هي بسبب رفع الجمركة وحصرية استيراد أجهزة الخلوي، عبر شركة “إيماتيل” التي يملكها متنفّذون مقرّبون من الحكومة، وهي من تحدد أسعار الجمركة لِشركات الاتصالات”.
أما المحامي “عماد الرفاعي/45 عاماً”، من أهالي حي “المحافظة” بحلب، فيقول: “هناك مرسوم تشريعي ينص على فرض عقوبة بالسجن من سنة إلى ثلاثة سنوات، وغرامة مالية من مليون لأربعة ملايين ليرة سورية، لكل من يستخدم وسائل احتيال بقصد التهرب من دفع الأجور المستحقة على خدمات الاتصالات”، وفق تعبيره.
ويؤكد أن هذا المرسوم هو تعديل للمادة /67/ من قانون العقوبات الخاص بالاتصالات لعام 2010، ويستهدف بالدرجة الأولى من يقلب “إيمي” موبايله ويتهرّب من جمركته، وحتى من يحمل موبايل دون أن يقوم بجمركته.
ويضيف: “طبعاً العقوبات مشدّدة والغرامات عالية، ولكن في ظل رفع أسعار التعريف الجمركي؛ تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير، وتخفيف عبء الجمركة وتخفيض أجوره سيُسهم بالحد منها”.
ويشبِّهُ المحامي ما يحصل في سوق الموبايلات في مناطق سيطرة الحكومة بـ “لعبة القط والفأر”.
ويقول “الحكومة تحصر الاستيراد عبر مقربين منها، والموبايلات تأتي بأسعار أرخص بكثير من لبنان والعراق عبر مهرّبين أيضاً، والحكومة تفرض رسوماً عالية للجمركة والتعريف، فيتم استبدال الجمركة بقلب “الإيمي” بطرق احتيالية، وطبعاً الاقتصاد السوري هو من يدفع الثمن”.
إعداد التقرير: سامر عقّاد