من أجل التدفئة.. التحطيب يصل إلى أشجار منصفات الشوارع في المدينة السلمية
“بوّابة البادية”، هو أحد أشهر الأسماء التي يُطلقها أبناء مدينة “السلمية” على منطقتهم الواقعة في ريف حماة، فهم يدركون جيداً طبيعة مدينتهم الجافّة ومناخها الشبيه بمناخ البادية والصحراء، إذ تقل فيها الأشجار والغابات والمظاهر الخضراء في أغلب أيام السنة، وتظهر بأيام محددة خلال فصل الربيع فقط.
قلة هذه المظاهر؛ جعلت من أي شجيرة أو نبتة خضراء ذات قيمة كبيرة لدى الأهالي، وغيابها بسبب الاقتلاع أو التحطيب يكون واضحاً وملموساً ومؤثراً أيضاً، وهو ما كثر مؤخراً بسبب غياب مازوت التدفئة، ولجوء السكان لاستخدام الحطب بشكل أساسي كبديلٍ عنه.
يقول “مجد علي”، وهو أحد سكان مدينة السلمية، ممن يملكون منزلاً مطلّاً على دوّار “شارع حماة” وسط المدينة، إن “عمليات قطع الأشجار بدأت قبل فصل الشتاء في أطراف المدينة، ومع بدء البرد وصلت عمليات التحطيب إلى شوارع المدينة الداخلية، ومنصّفات الطرق المزروعة بأشجار السرو والصفصاف وبعض أشجار الزينة”.
ويتابع “مجد” في حديثه لمنصَّة “مجهر” الإعلامية “استيقظت صباح اليوم الأول من هذه السنة، وخرجت إلى شرفة منزلي، لكنّي لاحظت أن المشهد مختلف عمّا أعرفه، ولم أدرك في البداية ما هو الاختلاف الذي حصل”، مبيّناً أن زوجته عرفت فور خروجها أن بعض الأشجار قُطِعت من الشارع خلال ساعات الليل، حيث قلة حركة المارة في هذا الوقت.
ويضيف “مجد”: “مشاعر الانزعاج والغضب خفّت من صدري، فور تذكّري أن هناك عائلات بأكملها لم تستطع أن تؤمن مازوت للتدفئة هذا العام، وربما اضطرّت لقطع الأشجار للحصول على بعض الدفء لأطفالها، متجاهلة المخاطر التي قد تلحق بها في حال ضبطها من قبل الدوريات، وبالتالي تعرضها للمساءلة القانونية”.
عمليات قطع الأشجار والتحطيب، لم تحصل فقط ضمن الشوارع وأمام المنازل، بل وصلت إلى المزارع الخاصة، وهو ما واجهه “خلف الهاني” مؤخَّراً، إذ تعرضت مزرعته لعملية قطع عشرات الأشجار دفعة واحدة دون أن يعرف من الذي فعل هذا.
ويؤكد “الهاني” خلال حديثه لمنصَّة “مجهر” الإعلامية، أن “أرضه الزراعية الواقعة في منطقة السطحيّات ذهبت ضحية عملية تجارية، يقف وراءها مجموعة من تجار الأزمات والحروب في المنطقة”، وفقاً لوصفه.
ويضيف “قد يَقطع المُحتاجُ شجرة أو اثنتين للتدفئة وربما ثلاثة، لكن من يقطع عشرات أشجار الزيتون دفعة واحدة ويستطيع نقلها خلال ساعات قليلة، فهو أحد تجار الحرب أو ممن يترأسون عصابات السرقة ويمتلكون فريقاً مجهّزاً لذلك”، وفق وصف “الهاني”.
ويبيّن صاحب الأرض الزراعية، أن “الشكوى التي تقدم بها لشرطة حكومة دمشق في منطقته، لم تُجدِ نفعاً حتى الآن، حالها حال عشرات الشكاوى المشابهة التي تقدم بها جيرانه ضمن الأراضي الزراعية الذين تعرضت لنفس المشكلة”.
ويضطر عدد من أهالي مدينة السلمية بريف حماة، لشراء المازوت بأسعار مرتفعة جداً من السوق السوداء، إذ وصل سعر الليتر الواحد لأكثر من /9/ آلاف ليرة سورية، بينما يلجأ البعض لشراء الحطب أو قطع الأشجار، كما يضطر البعض لحرق بعض الثياب القديمة أو الأدوات البلاستيكية والأحذية وربما دواليب السيارات المستعملة، للحصول على بعض الدفء، بالرغم من المخاطر الصحية والتنفسية الناجمة عن مثل هذه الأفعال.
إعداد التقرير: نبيل المير