مشاجرات واستخدام آلات حادة في طوابير محطات الوقود.. أزمة المواصلات في دمشق تتفاقم
لم يعد طالب كلية الآداب في جامعة دمشق، (حسن العلي)،”اسم مستعار”، بإمكانه الوصول إلى الجامعة التي يرتادها في “أوتوستراد المزة”، كما زملاؤه بسبب أزمة المواصلات، ويضطر للخروج من منزله الكائن في منطقة “باب توما” قبل الموعد المعتاد بساعتين لإيجاد سرفيس يقلّه، ومن جهةٍ ثانية فإنه بات يضطر ألّا يحضر كل أيام الأسبوع لارتفاع أجرة المواصلات.
ويقول لمنصة “مجهر”: “أصبحت أفكّر جدياً في توقيف دوامي، فمصروف المواصلات أصبح عبئاً لا يُطاق، خاصةً وأنه يترافق مع غلاء غير محمول في بقية الأسعار، كذلك الأمر بات بالنسبة لراتب أي عملٍ إضافيٍّ إلى جانب الجامعة لا يغطي تكاليف الوصول إليها، أي إلى الجامعة، فمتوسط الرواتب لطلاب الجامعة اليوم هو /250/ ألف ليرة سورية، وأجار التكسي “الركاب” من “باب توما” إلى “البرامكة” قارب عشرة آلاف ليرة سورية، بعدما كان من أسبوعٍ واحد يتراوح بين الـ/2000/ والـ/2500/ ليرة سورية”.
أما سائق السرفيس الذي لم يعرّف عن اسمه، قال إنه في الخميس الماضي “بدأ سائقو السرافيس بضرب بعضهم بآلات حادة، ووقعت بعض الإصابات، كما كسّروا بعض الواجهات الزجاجية لبضع السرافيس على خلفية التنافس على تعبئة المستحقّات في كازية البرامكة”.
ووفقاً للسائق الذي تحدث لمراسلة منصة “مجهر” في دمشق، اضطر سائقو /300/ سرفيس للعودة خاليي الوفاض، رغم أن معظمهم قضى ليلةً كاملةً في محطة المحروقات.
وأضاف “مع هذا؛ فإن الركاب يغضبون إذا طلبنا أكثر من التعرفة، متجاهلين ثمن تعبنا”.
ووصلت أزمة المواصلات في دمشق ذروتها، بعد تخفيض الحكومة كمية مخصصات الوقود للسيارات الحكومية بنسبة 40%، وفقاً لبيانٍ صادر عن رئيس مجلس الوزراء “حسين عرنوس”، وذلك “لمواجهة النقص الحاد في كميات النفط”.
وبحسب البيان؛ فإن “سبب تأخر وصول الشاحنات يعود للعقوبات الأمريكية على البلاد”.
يأتي هذا التفاقم في أزمة المواصلات، بعد البدء في تركيب أجهزة التتبع (GPS) على معظم وسائل النقل العامة، والذي كان من المفترض أن يضع حداً لأزمة المواصلات، غير أن قرار تخفيض المخصصات جاء بعد أقل من شهر من تطبيق نظام التعقّب الإلكتروني، بالإضافة إلى رفع تعرفة الركوب إلى /300/ ليرة سورية للخطوط القصيرة و/400/ ليرة للخطوط البعيدة، إلا أنه على أرض الواقع فإن التعرفة الموحدة أصبحت /500/ ليرة لكافة الخطوط، وتتجاوزها أحياناً لتصل إلى ألف ليرة في أيام العطل وفي الليل”.
ومن جهته أكّد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابع للحكومة السورية، “عمر سالم”، نهاية الشهر الماضي عبر إذاعة “نينار” التي تبث من دمشق، أنه “لا نيّة لرفع أسعار المشتقات النفطية”، ليصدر بعدها المرسوم التشريعي رقم /8/ في الرابع من الشهر الجاري، والذي يقضي برفع سعر المازوت إلى /5400/ ليرة سورية لليتر الواحد، والبنزين إلى /4900/ ليرة سورية لليتر الواحد، دون توفره في الكازيات (المحطات)، حيث يشتكي أصحاب السيارات الخاصة من تأخر رسائل المخصصات لأكثر من /17/ يوماً على التوالي، مما أدى بالمقابل لوصول سعر ليتر البنزين في السوق السوداء إلى أكثر من /20/ ألفاً و”تنكة/ 20 ليتر” المازوت إلى ما يقارب من /250/ ألف ليرة سورية.
أما عضو المكتب التنفيذي عن قطّاع النقل والمواصلات في محافظة دمشق، فقد كان قد أكد عدم وجود نيّة لدى المحافظة لتخفيض كمية المحروقات المخصصة للسرافيس العاملة على خطوط المدينة، أو إعادة إيقاف تلك المخصصات أيام العطل الرسمية كما يُشاع، وهذا ما نفاه جميع سائقو السرافيس على جميع الخطوط، حيث أكدوا أنهم منذ بدء الأزمة الأخيرة لم يحصلوا على مخصّصاتهم أيام العطل، ومعظم السائقين يقضون ليالٍ كاملة في الكازيات ليحصلوا على مخصّصاتهم.
ومن جهةٍ أخرى، أدى خفض كمية المحروقات إلى شللٍ في حركة السوق وتوزيع المواد على المحال، بالإضافة لانخفاضٍ كبيرٍ في عدد “المولدات الكهربائية” القادرة على العمل، بالإضافة إلى ضعفٍ في شبكة الهاتف المحمول نتيجة عدم وجود وقود كافٍ لعمل الأبراج.
وبحسب مراسلة منصة “مجهر” في دمشق، أوقفت الحكومة السورية، الدوام في كل من الجامعات والدوائر العامة، يوم الأحد، بالإضافة إلى تعطيل دوام طلاب التعليم المفتوح حتى بداية السنة، ورافق هذه القرارات حملة من الاستهزاء على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر سكان من دمشق “هذه القرارات لا تُساهم في حل الأزمة؛ بل تفاقمها، كون السائقين باتوا لا يحصلون على مخصّصاتهم من الخميس وحتى مساء الأحد، مما أثر سلباً على العاملين في القطاع الخاص، ولم تغيّر في منحى الأزمة التي ما زالتتتصاعد”.
إعداد: أورنينا سعيد