غياب وسائل التدفئة التقليدية يهدد أحراش السويداء
الـسويداء – مجهر
أجبرت الأوضاع الاقتصادية حسام علي ورفاقه على أعمالٍ تربوا على معارضتها طيلة حياتهم، فعدم كفاية مخصصات التدفئة السنوية، أو عدم توزيعها على كل الأُسر، دفعت حسام للتوجه إلى حرش اللجاة كخيارٍ بديل.
يمشي “حسام” قرابة الـ ٣٥ كم حتى يصل من قريته “لاهثة” إلى حرش اللجاة جنوب السويداء، حيث يعمل مع رفاقه في تقطيع أشجار الحرش وبيع أحطابه.
وتشهد مناطق سيطرة حكومة دمشق عموماً والسويداء خصوصاً، توجهاً كبيراً لاستخدام الحطب في الطهي والتدفئة وتسخين المياه، كبديلٍ عن الوسائل التقليدية كالمازوت والغاز لأسبابٍ عديدة منها غلاء الوسائل التقليدية أو صعوبة الحصول عليها و عدم كفاية المخصصات الخاصة بكل أسرة، أو عدم وصولها لجميع الأسر لأسبابٍ مختلفة، غير أن التحطيب في هذا الصيف حقق مستويات متقدّمة، إذ تغيّرت أهدافه وحجمه وضرره، فبعدما كانت تقطع الأشجار لتأمين مستلزمات الشتاء باتت تجارةً مهمةً هدفها جني الأموال وتأمين المدخول المادي، وحوّلت إلى تجارةٍ كبيرة.
يعتمد حسام وزملاءه في القرية على “الحمير” لنقل الحطب إلى قريتهم، ووصل عدد الحمير في القرية إلى ٥٠ حماراً تحمل يومياً ٥ طن من الحطب.
ويصل سعر الطن الواحد من الحطب إلى مليون و٢٠٠ ألف ليرة سورية.
يقول حسام لمنصة مجهر: “وأنا صغير كنت ممن يناهضون قطع الشجر، واليوم أعمل كحطّاب، وهذا ليس ما أريد فعله ولكنها الطريقة الوحيدة لأعيش، فأنا مطلوبٌ للخدمة الإلزامية ولا أستطيع مغادرة القرية وهذا أفضل الخيارات المتاحة”.
أما سليم الأسعد وبعد أن اشترى طنًا بمليون ليرة سورية، يقول: “جيراني حصلوا على ٥٠ ليتراً من المازوت المخصص لهم بمبلغ ٥٠٠ ليرة سورية لليتر كما اشتروا مخصصاتهم من المازوت الحر وهي ٥٠ ليتراً كذلك بسعر ٢٥٠٠ ليرة لليتر الواحد، بينما لم نحصل نحن على مخصصاتنا من المازوت بعد، وعندي أطفالٌ صغار لن أتركهم يمرضون من البرد مثلما حصل السنة الماضية”.
من جهته يعارض أحمد (اسم مستعار) شراء الحطب أو بيعه ويستعيض بذلك بتجميع بقايا البلاستيك وإطارات السيارات والملابس القديمة من الشوارع والحاويات خلال الصيف لاستخدامها في الطهي والتدفئة خلال الشتاء.
أهالي قرية “لاهثة” ليسوا الوحيدين المعتمدين على الحرش كمصدر رزقهم، بل أهالي القرى المجاورة كقرية المتونة ومصاد وغيرها يصلون إليه من الجهات المختلفة.
وكانت مديرية الزراعة التابعة لحكومة دمشق في السويداء، قد قالت في وقت سابق من شهر أيلول الماضي، أن جميع المناطق الحراجية العامة والخاصة وحتى الأشجار المثمرة تعرضت للتعديات بالقطع وأعداد كبيرة.
فيما يبقى السؤال، كيف سيقضي السوريون شتاءاتهم وبماذا سيعملون بعد انتهاء أعمال التحطيب أو إيقافها، وأي معجزةٍ ستعوّض المجازر البيئية الحاصلة بسبب الأوضاع المتردية في مختلف أنحاء البلاد؟؟
تقرير: أورنينا سعيد