“نعجز عن إطعام أنفسنا”.. سوريون يتخلّون عن حيواناتهم الأليفة

السلمية_ مجهر

تفتقد الشابة “صفاء” منذ أيام لاستقبال كلبتها “راشيل”، التي كانت تسارع لملاقاتها واستقبالها بعد عودتها من العمل، حيث كانت تنتظرها لساعات خلف الباب يومياً منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكن “الظروف” أجبرت “صفاء” المقيمة في قرية “تل التوت” بريف “السلميّة” للتخلي عن حيوانها الأليف.

تقول “صفاء” صاحبة الـ/28/ عاماً، لمنصة “مجهر” الإعلامية، “اضطررت لبيع كلبتي “راشيل” منذ حوالي الشهر، بعد أن أصبحت تكاليف تربيتها والاعتناء بها كبيرة، إذ لم أعد أستطع شراء الطعام والأدوية اللازمة لها، بعد موجة الغلاء الأخيرة التي تشهدها البلاد، التي جعلت منا عاجزين عن إطعام أنفسنا”.

وتتابع “رعيتُ هذه الكلبة منذ أن كان عمرها 60 يوماً، واعتدت عليها بشكل كبير وأصبحت أحد أهم تفاصيل يومي، واستطاعت إخراجي من أكثر لحظات حزني في الكثير من الأحيان، ولا أبالغ إن قلت لكم أشعر بأنها أوفى كائن على وجه الأرض”.

وتشعر “صفاء” بالقهر والحزن والضعف كلما تذكّرت أنها اضطرت للتخلي عن كلبتها مجبرةً، حتى أن الشعور وصل بها إلى حدود ما وصفته بـ “الخيانة”، خاصَّةً أن “راشيل” كانت تنتظرها يومياً حتى تعود من عملها، لتأكل وتلعب معها، “وهو ما لا يفعله البشر”، وفق وصفها.

لكن ما يعزّي الشابة العشرينية أنها تستطيع رؤية “راشيل” كلما اشتاقت لها، كونها أصرَّت على عدم بيعها مقابل المال، بل أعطتها لأحد أقربائها “الميسورين” لتربيتها وتبنّيها للحفاظ عليها بنفس القرية، إلى أن يحين الوقت الذي تعود فيه قادرة على إعادتها بشكل دائم إلى منزلها.

وتتحدث “صفاء” عن تكاليف الاعتناء بـ “راشيل” وتربيتها، مبيّنةً أنها تحتاج شهرياً إلى ما يقارب الـ/40/ ألف ليرة سورية كحد أدنى، بين طعام وأدوية وأدوات تنظيف، وهو ما يشكل حوالي ثلث راتبها الشهري الذي تتقاضاه من “الحكومة”، لقاء عملها موظفة بشركة الاتصالات السورية في مدينة السلميّة.

دموع “صفاء” تحضر بغزارة كلما تحدثت عن كلبتها “راشيل”، خاصة أنها علمت أنها خلال أول يومين من ابتعادها عنها لم تأكل أي وجبة طعام من وجباتها، وبقيت مستلقية دون أي حراك، لدرجة أن صاحبها الجديد فكَّرَ بإعادتها عدة مرات، بعد أن قال له الطبيب البيطري، أن سبب حالة “راشيل” هو ابتعادها عن منزلها وصاحبتها الأساسية، لكن الأدوية استطاعت مساعدتها لتعود إلى طبيعتها.

شعور الحرج يرافق “صفاء” كلما تحدثت عن الأذية النفسية التي لحقت بها بسبب تخليها عن كلبتها، موضِّحةً أن عدداً كبيراً من الناس يقارن بين حالتها وحالة من فقدوا أشخاصاً مقربين منهم في الحرب، مشيرةً إلى أن “من لم يقتنِ حيواناً أليفاً؛ لا يمكنه فهم هذا الشعور، وسيظل مستغرباً له”.

إعداد: نبيل المير